المحاكم السياسية في إيران تدخل حيِّز التطبيق.. ماذا ينتظر التجربة؟

تاريخ النشر : 2020-10-16 15:40:29 أخر تحديث : 2024-10-19 18:41:38

المحاكم السياسية في إيران تدخل حيِّز التطبيق.. ماذا ينتظر التجربة؟

يحرص النشطاء السياسيون والصحفيون في إيران على اتخاذ الاحتياطات لتجنب مقاضاتهم من قبل المؤسسات الحكومية والأمنية والوزارات، إذ يؤدي رفع الشكوى لدخول المتهم عالم المجهول وتصنيفه مجرما أمنيا وإقصائه عن الميادين.


وتنص المادة 168 من الدستور الإيراني على أن "يتم التحقيق في الجرائم السياسية والصحفية علنا وبحضور هيئة المحلفين في المحاكم العدلية"، ولكن لم يتمّ تطبيق هذه المادة في العقود الأربعة الماضية، وصنّف القضاء الإيراني المتهمين "السياسيين" باعتبارهم متهمين "أمنيين"، وصدرت بحقهم أحكام قاسية.


ومع ذلك، وافق البرلمان الإيراني وكذلك مجلس صيانة الدستور عام 2016، على مشروع قانون الجرائم السياسية.


وبعد 4 سنوات من إقرار القانون، أعلن المتحدث باسم هيئة المحلفين للجرائم الصحفية والسياسية أحمد مؤمني راد -يوم الاثنين- عن انعقاد أول محاكمة للجرائم السياسية في إيران، بحضور هيئة المحلفين.


وحكمت الهيئة في الجلسة الأولى للمحكمة بعد النظر في شكوى قدمتها وزارة المخابرات ضد رئيس مركز البحوث البرلمانية علي رضا زاكاني، أحد أبرز الأصوليين في مجلس نواب، بسبب تصريحاته في برنامج تلفزيوني؛ ببراءة المتهم.


وفي الجلسة الثانية، وجدت هيئة المحلفين أن رئيس جريدة شهروند مذنب، لضلوعه في نشر الأكاذيب ومحاولته تضليل الرأي العام على حد زعمها.


تعريف الجرائم السياسية


وتعرّف الجرائم السياسية في إيران بأنها جرائم ترتكب بدافع إصلاح شؤون البلد ضد الإدارات ومؤسسات الدولة وسياساتها الداخلية والخارجية، دون قصد المتهم مهاجمة كيان النظام بعينه.


ويعتبر نشر الأكاذيب أو إهانة رؤساء القوى (التنفيذية والتشريعية والقضائية) ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام ونواب البرلمان ونواب الرئيس والوزراء وأعضاء مجلس صيانة الدستور وأعضاء مجلس خبراء القيادة، بسبب مسؤولياتهم الإجرائية، من الجرائم السياسية.


ومن جهة أخرى، فإن إهانة الأماكن المقدّسة والمرشد الأعلى والمراجع الدينية ما زالت تصنف "جرائم أمنية"، ويتعامل القضاء بصرامة شديدة مع هذه الأنواع من الجرائم ولا سيما في الأحكام النهائية، على عكس "الجرائم السياسية" التي يكون التعاطي فيها أكثر مرونة وصولا إلى الحكم النهائي.


صمام أمان


ويعتقد المحلل السياسي علي أصغر شفيعيان أن إجراء المحاكم السياسية يستحق الثناء، فهناك إصرار جاد على تطبيق هذا القانون على جميع المعتقلين السياسيين، وفي حال مخالفته سيصبح القانون مجرّد مسرحية على الشعب ولن يترك صدى إيجابيا على المدى الطويل لدى الرأي العام، بحسب رأيه.


وأضاف شفيعيان للجزيرة نت أنه إذا تم الاعتراف بالجريمة السياسية، فبإمكان الناس إبداء آرائهم وانتقاداتهم لمنع وصول المجتمع حد الانفجار، كي لا تخرج مظاهرات كالتي حدثت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بحجة ارتفاع سعر البنزين لكنها طالبت أيضا بالتخلص من "كراهية متراكمة لسنين طوال"، مما أدى إلى الفوضى.


ويتم تحديد طبيعة الجرائم (السياسية والأمنية) من قبل مكتب مدعي العام أو المحكمة التي رفعت من خلالها القضية. ويتمتع المتهم بالجرم السياسي ببعض المزايا، ومنها: الفصل في مكان الاعتقال عن باقي السجناء، وحظر ارتداء زي السجن أثناء الاحتجاز، وعدم استرداد المجرمين السياسيين، وحظر الحبس الانفرادي، والحق في المقابلة والتواصل مع أقارب الدرجة الأولى، والحق في الوصول إلى الكتب والمطبوعات والإذاعة والتلفزيون.


الانتقادات


ومن جهة أخرى، ينتقد بعض الخبراء محاكم الجرائم السياسية على الرغم من كونها خطوة متقدمة، إلا أنها لا تخلو في رأيهم من بعض الشوائب، مثل تأثير الرأي الشخصي للقاضي في تصنيفه لنوع الجريمة "سياسية أو أمنية"، وافتراض نية المجرم فيما إذا أراد بفعلته إصلاح شؤون البلاد أو مهاجمة النظام.


وانتقد المحامي محمد علي كامفيروزي هذا القانون في صحيفة الشرق الإصلاحية، معتبرا أن النواب لم يُدخلوا بعض الصيغ والعناوين ضمن قانون الجرائم السياسية، ومنها "الأنشطة الدعائية ضد النظام، والتجمع والتآمر بنية ارتكاب جريمة ضد أمن البلد، وتشكيل وإدارة أو الانتساب إلى جماعات تهدف إلى زعزعة أمن البلاد".


وأضاف كامفيروزي "لقد صنفوا عددا قليلا من الجرائم الصغيرة تحت عنوان الجرائم السياسية، ولا يمكننا تطبيق مادة 168 من الدستور دون شمولها جميع العناوين الجنائية التي ذكرناها تحت خانة الجرائم السياسية".


وتتجه أنظار المراقبين في ظل هذه الظروف نحو السلطة القضائية، في انتظار إجراء المحاكمات السياسية القادمة للحكم على نجاح السلطة في تطبيق المادة 168 من الدستور، ليبقى التساؤل: هل يصل قارب النشطاء السياسيين والصحفيين إلى ساحل الأمان بعد معاناتهم الطويلة مع الأمواج المضطربة؟/انتهى

المصدر: روافدنيوز/ متابعة

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS