تونس.. مشروع قانون لحماية الأمنيين يحيي مخاوف عودة "الدولة البوليسية"

تاريخ النشر : 2020-10-11 10:36:09 أخر تحديث : 2024-10-23 16:14:36

تونس.. مشروع قانون لحماية الأمنيين يحيي مخاوف عودة "الدولة البوليسية"

يثير مشروع قانون لحماية الأمنيين في تونس موجة جدل لم تنته على إثر تأجيل البرلمان التصويت عليه للمرة الثانية على التوالي منذ عام 2015، وأعقبت التأجيل تحركات احتجاجية وبيانات لمنظمات حقوقية حذرت من عودة  شبح "الدولة البوليسية"، بينما يدافع اتحاد نقابات قوات الأمن عن المشروع، متهما الجهات الرافضة له بالسعي إلى شيطنة أفراد الأمن.


ويهدف مشروع القانون إلى حماية قوات الأمن الداخلي والجمارك وعائلاتهم من التهديدات التي تطالهم، ومن الاعتداءات التي تمس سلامتهم الجسدية أو تعرض حياتهم للخطر أثناء أدائهم مهامهم.


وطرحت فصول بعينها في المشروع (الفصول 7 و9 و12) إشكالات عدة بالنسبة إلى حقوقيين، إذ اعتبروا أن قانون حماية الأمنيين يشرّع لعودة التضييق على المواطنين، ويكرس سياسة الإفلات من المحاسبة الجزائية في المؤسسة الأمنية، تحت ذريعة حفظ الأمن ومحاربة الجريمة.


وعبّرت عشرات المنظمات وقوى حقوقية ومدنية وأحزاب سياسية في تونس عن رفضها القاطع لتمرير القانون في الجلسة العامة بالبرلمان، محذرة من عواقبه على مناخ الحريات والديمقراطية في البلاد، والعودة لمنظومة الاستبداد.


منظمات حقوقية


ودعت منظمة العفو الدولية -في بيان لها- أعضاء البرلمان إلى رفض مشروع القانون، معتبرة أنه "يعزز إفلات قوات الأمن من العقاب، ويحميها من أي مسؤولية جنائية عن استخدام القوة المميتة لحماية المنشآت الأمنية".


ونفذ نشطاء خلال الأيام الماضية وقفات احتجاجية أمام البرلمان لم تخل من مناكفات بينهم وبين رجال الشرطة، مطالبين بالسحب الفوري للمشروع، بينما دشن آخرون وسوما (هاشتاغات) على مواقع التواصل من قبيل "مايتعداش" (لن يمر) و"حاسبهم"، داعين بشكل ساخر في المقابل إلى سنّ قانون لحماية المواطنين من اعتداءات رجال الشرطة.


ودعا رئيس "مرصد الحقوق والحريات" أنور أولاد علي -في حديثه للجزيرة نت- رئاسة البرلمان إلى صرف النظر بشكل نهائي عن مشروع حماية الأمنيين برمته، والاتجاه في المقابل نحو تقديم مبادرات تشريعية أخرى تعنى بالمسائل الاجتماعية لعائلات شهداء وجرحى المؤسسة الأمنية.


ونبّه أولاد علي إلى أن القوات المسلحة تمتلك ترسانة من التشريعات والقوانين التي تحميها أثناء عملها، "بما في ذلك دفاعها الشرعي عن النفس والمنشآت". وحذّر رئيس المرصد مما وصفها بـ"الانفلاتات" المتكررة لعدد من الأمنيين، والتي تستهدف السلامة الجسدية والمعنوية للمواطنين، داعيا الجهات الرسمية إلى تحمل مسؤولياتها بهذا الشأن.


محاصرة محكمة


وزادت حادثة "محاصرة" بعض النقابات الأمنية لإحدى المحاكم في العاصمة التونسية -أثناء جلسة محاكمة أحد عناصر الشرطة في قضية اعتداء بالعنف على محامية- من فتيل الصراع المحتدم بشأن قانون حماية الأمنيين.


ودعا حزب التيار الديمقراطي -في بيان شديد اللهجة- كلا من الحكومة ووزير الداخلية لتحمل مسؤولياتهما، وفتح تحقيق جدي في حادثة "محاصرة محكمة بن عروس"، وندد الحزب بما وصفها بالممارسات غير القانونية وغير المسؤولة الصادرة عن النقابات الأمنية و"عناصرها المتمردة، استضعافا منها للدولة ولمؤسساتها".


وفي مقابل حالة الرفض التي تبديها أحزاب ومنظمات حقوقية ضد مشروع حماية الأمنيين، تتمسك النقابات الأمنية بتمرير هذا القانون، وتعتبره من أكثر معاركها أولوية، حتى إن خسرت جولات فيها إثر إرجاء تمريره في البرلمان للمرة الثانية على التوالي.


حملة شيطنة


وندد الناطق الرسمي باسم اتحاد نقابات قوات الأمن العميد جمال الجربوعي، في تصريح للجزيرة نت، بما وصفها بحملة "شيطنة" رجال الأمن على خلفية مطالبتهم "المشروعة" بتمرير قانون حماية الأمنيين في المؤسسة التشريعية.


واعتبر الجربوعي أن رفض منظمات حقوقية وأحزاب للمشروع برمته غير مقبول، ولا سيما بعد تنقيح فصول منه، استجابة لضغوط سابقة، إثر طرح الحكومة هذا النص أول مرة سنة 2015 أمام أنظار لجنة التشريع العام في البرلمان.


ونبّه الناطق باسم اتحاد نقابات قوات الأمن إلى أن مشروع القانون -وعلى عكس ما يروّج له- لا يهدف لقمع الحريات وإعادة شبح "دولة البوليس"، بل يضع إطارا قانونيا لحماية رجل الأمن من لوبيات التهريب والإرهاب والجريمة المنظمة.


واتهم الجربوعي بعض الأحزاب بممارسة النفاق السياسي، لافتا إلى أن بعضها كان من بين المساندين لمشروع القانون بنسخته المعدلة، لكنه غيّر موقفه بعد حملات الضغط التي مارستها منظمات حقوقية.


وكان حزب "قلب تونس" من بين الأحزاب التي ساندت مشروع قانون حماية الأمنيين، إذ أكد رئيس كتلة "قلب تونس" في البرلمان أسامة الخليفي -في تصريح إعلامي- أن كتلته "دافعت عن مبدأ حماية الأمنيين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية"، ودعا في الوقت نفسه إلى ضرورة حماية حقوق المواطنين، وحريتهم وضمان تطبيق القانون دون تسلط./انتهى

المصدر: الجزيرة نت

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS