ثورة المسك تهتك أسرار البيت الأبيض أمام العالم

ثورة المسك تهتك أسرار البيت الأبيض أمام العالم

فلاح الناصري - تاريخ النشر : 2020-06-25 14:01:44

فلاح الناصري  



كلنا قد أطلع وشاهد ما يحصل في امريكا عبر شاشات العرض الكبيرة ، لما للشعوب من كراهية إتجاه سياستها العدوانية والمغلفة بالحريات والعدالة والمساواة ، فما ثورة السود إلا نقطة في بحر كبير من الظلمات والتي حفرت أخاديده وأسست له عبر نظامها التعسفي . وما شهدناه أخيرا من أعمال حرق وخروج الى الشارع رداً على مقتل رجل أسود البشرة ما هو إلا  ترجمة دقيقة لما تحدث به الزعيم التاريخي للسود الأمريكيين مارتن لوثر كينج ، والذي قال :" أن أعمال الشغب هى لغة غير المسموعين".



على الرغم من تبجح إدارات البيت الابيض وإدعائها بالحرية والدفاع عن حقوق الإنسان إلا أن المجتمع الأمريكي ما يزال يعاني حتى اليوم من مشاكل عديدة ومن ابرزها العنصرية، فما إن وصل ثورة المسك من العنصر المظلوم من سود امريكا الى اسوار البيت الابيض حتى تطايرت اوراقه وتناثرت مع ريح الحريات التي جعل منها شعاراً للسيطرة على أغلب الشعوب المسكينة مثل أفغانستان والعراق وغيرها من البلدان التي يفرض عليها الإتاوة. 



ومع أنّ الدستور الأمريكي يمنع التفرقة بين المواطنين على أساس اللون أو الجنس أو الدين أو غير ذلك إلا أنّ العنصرية مازالت مغروسة عند معظم الأمريكيين، فما إن يعصف حدص ما حتى تبرز تلك الاحقاد المبنية على التمييز وتتضح بشكل جلي امام انظار العالم ، لذا تلك الأحداث دائماً تثبت بذور العنصرية وأنها ما زالت كامنة في النفوس المريضة لدى أغلب الامريكيين الذين هم على شاكلة ترامب، وأن جذورها أعمق من أن تنتزع وتُمحى على الرغم من كل قوانين المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان التي ينص عليها الدستور الامريكي.



في كل زمان كثيراً ما تبين لنا الأزمات أن للعنصرية القدرة على تحرك تلك الكوامن لتصبح ربيعاً أمريكيا، ومن هنا برزت آراء المفكرين في هذا الصدد متنبأ بشرارة هكذا الربيع لتصور على قيم متوارثة منذ تشكل مثل هذا التمييز المبني في تأسيس طبقة من البيض من عناصر أوربية كان الغالب عليها هو العرق الأبيض وتتحكم بحياة العرق الاخر، وقد شنت هذه العناصر حملات إبادة شاملة ضد سكان القارة الأصليين من الهنود الحمر، حتى وصلت لتكوين كيان الولايات المتحدة القائم أساساً على إبادة السكان الأصليين لإفساح المجال أمام المستوطنين الجدد في السيطرة والتحكم، وثم محاولة جلب أكبر عدد من الأفارقة وتحويلهم إلى عبيد لتعمير القارة الجديدة ، وهذا يعني إن الإمبراطورية الأمريكية قد ارتوت من منبعين دماء الهنود الحمر وعرق الأفارقة المغلوب على أمرهم.



ويعتقد كثيرون من الأمريكيين السود أن الحقوق المدنية التي حصلوا عليها في أواخر الستينات من القرن المنصرم، لم تغير من وضعهم بشكل حقيقي وربما أن المستفيد الوحيد من ذلك هم السود من الطبقة المتوسطة ، لكن الباقي من السود ظلوا يعانون من العنصرية والفقر والبطالة والأمراض الاجتماعية، وبمجرد النظر إلى الإحصائيات، نجد أن السود مازالوا يعانون من نفس المشاكل التي عانى منها أجدادهم.



ومن سوء حظ أمريكا في هذه الأزمة التي تجتاح العالم ، أن خططها وبرامجها أصبحت مكشوفة ونواياها مفضوحة سواء من قبل شعبها أو من قبل الشعوب الأخرى التي تخاطبهم بإسم الديمقراطية والشفافية ، فها هي اليوم تقع في نفس الفخ التي نصبته للدول الأخرى ولشرعنة تدخلاتها السياسية والعسكرية ، فكيف سيثق بها المواطن الإيراني مثلاً وهو ينظر الى مظلومية مواطنيها من السود؟، فكل المؤشرات والثوابت والمعطيات تدل على أن السود في المجتمع الأمريكي قد حددوا واختاروا توقيتهم المناسب لصنع ربيعهم الذي يحلومن به بعيداً عن التضليل والادعاء والتعسف.

المصدر: بغداد/ فلاح الناصري

مقالات ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS