"الصراع بين الاوساط الشيعية المتشددة ومخاوفها من مكاسب تحصل عليها الجماعات العلمانية على حسابها"

تاريخ النشر : 2016-05-08 19:04:02 أخر تحديث : 2024-04-26 01:14:32

"الصراع بين الاوساط الشيعية المتشددة ومخاوفها من مكاسب تحصل عليها الجماعات العلمانية على حسابها"

روافد نيوز/ليث حسن/متابعــة....


بات يلوح في الأفق الصراع الحاد الذي يدور في الأوساط الأحزاب الشيعية المتشددة، التي باتت تخشى حصول الجماعات العلمانية على مكاسب على حسابها. كما ان آية الله السيستاني الذي كان في السابق مؤيداً لتعيين حيدر العبادي في منصب رئيس الوزراء، انحاز علناً للوقوف إلى جانب المحتجين الشباب في مطالبهم الداعية للإصلاح. كما ساند السيستاني دعواتهم المطالبة بإحداث تقدم في ما يختص بمكافحة الفساد، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. ولقد أتاح سحبه لدعمه للعبادي فرصة لمقتدى الصدر كي يتولى قيادة الحركة المنادية بالإصلاح. كما ان مقتدى الصدر بمهاجمته لمنافسيه من الشيعة، وبصفة خاصة زعيم المجلس الإسلامي الأعلى السيد عمار الحكيم، ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والميليشيات، مثل كتائب بدر التي تدعمهما، إنما يسعى للسيطرة على الحركة الداعية للإصلاح، وسحبها من يد القوى العلمانية.



وقامر العبادي عندما أعلن عن تشكيل حكومة من البيروقراطيين، وذلك من دون الحصول على دعم الأحزاب السياسية، وذلك على الرغم من ضرورة حصول الشخصيات المعيّنة في الحكومة المذكورة على أصوات الأغلبية في البرلمان. وقد رفض معظم زعماء الأحزاب الأخرى خطوة العبادي، ما عدا السيد مقتدى الصدر، ولقد لفت موقفه هذا الأنظار. أما السيد الحكيم ونوري المالكي، فقد رأيا في ذلك فرصة للتخلص من العبادي، بينما خشي السنّة والأكراد من أن حكومة التكنوقراط قد تعزلهم من المشاركة في عملية اتخاذ القرارات.



وعندما أعلنت واشنطن وطهران بوضوح أنهما ترغبان في بقاء العبادي، طرح حل وسط من قبل عدة أحزاب سياسية والولايات المتحدة وإيران ببقاء العبادي في منصبه رئيساً للوزراء، ولكن على أن يكون تشكيل الحكومة من أغلبية من المنتمين للأحزاب السياسية. وقد رفض مقتدى الصدر هذا الحل الوسط، واقتحم اتباعه مباني البرلمان، مطالبين بتشكيل حكومة من البيروقراط.



وإنه إذا لم تتم تسوية هذه الأزمة، فإن الصدر قد يعلن عن تشكيل حكومة انتقالية، وهو أمر ستكون له عواقب خطيرة، من بينها إرباك قوات الأمن العراقي في مواجهة مقاتلي «داعش»، وإشغالها بالصراع حول السلطة في العاصمة. كما سيزيد ذلك من اندفاع الأكراد لتحقيق مصالحهم من دون الاعتماد على بغداد. وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى انفصال الإقليم الكردي عن بقية أقاليم العراق العربية، إما عن طريق نظام كونفدرالي، وإما عن طريق إعلان الاستقلال التام عن العراق.



والنتيجة الاخرى المحتملة تتمثل في امكان قيام الجيش بالاستيلاء على السلطة في خضم النزاع السياسي المستمر او اعمال العنف. وتشكيل حكومة مؤقتة بقيادة المؤسسة العسكرية قد تكون له عواقب لا يمكن التكهن بها، ويعتمد هذا الامر على الكيفية التي ستكون عليها ردة فعل الميليشيات وآية الله السيستاني.


لانه اذا ما عارضت الميليشيات عملية استيلاء الجيش على السلطة، فان الحكومة العسكرية قد تجد نفسها في مواجهة حرب على جبهتين، احداهما ضد تنظيم داعش والاخرى ضد الميليشيات، كما انه من غير الواضح ما اذا كان الجيش، الذي يعاني تعدّد الولاءات، يمكنه الحفاظ على وحدته في مثل ذلك النزاع.


 بينما نجد ان العديد من الضباط يستجيبون لرأي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فان العديد من الجنود تجدهم اما متعاطفين مع السيد الصدر او موالين له.



وعلى الرغم من ان استلام الجيش للسلطة قد يسهل امكانية تشكيل حكومة مؤقتة، تعقبها خارطة طريق سياسية جديدة، الا ان ذلك يعد سيناريو مستبعدا حدوثه. لأن اي حكومة عسكرية لن تكون قادرة على ضمان الحصول على دعم آية الله السيستاني او الميليشيات، والامر الاكثر احتمالا هو ان تورط الجيش في خضم السياسات الداخلية سوف يعيق استمرار الحرب ضد تنظيم داعش، كما سيشجع المشاعر الانفصالية الكردية.



غير ان افضل حل لهذه المسألة هو اللجوء الى حل وسط يتم عن طريق التفاوض ويحظى بدعم مقتدى الصدر، ذلك سيعيد الامن والنظام في بغداد الى تحت ادارة حكومة ائتلافية ذات توجهات اصلاحية، ويمكن لهذه الحكومة الائتلافية الاعلان
عن جدول زمني معقول لتنفيذ سياسة الاصلاح، بل والاعداد لانتخابات برلمانية، وذلك حلٌّ قد يحظى بدعم من آية الله السيستاني والولايات المتحدة، بل ربما ايران، فإيران قد توصلت الى نتجية مفادها بأن بدائل الصفقة المتفاوض حولها ستكون ذات مردود سلبي بالنسبة لمصالحها، اذ ان حكومة يسيطر عليها مقتدى الصدر ستؤدي الى اضعاف حلفاء ايران المقربين في العراق كثيراً، بينما قد يقود استيلاء الجيش على السلطة الى تأجيج النزاعات الداخلية في اوساط الشيعة.



وصفقة مثل تلك سوف تعزز من موقف الصدر، ولكن من دون تمكينه من تحقيق انتصار حاسم، ويمكن للعبادي ان يستمر كرئيس للوزراء، اذا ما عبر عن دعم للاستمرارية والاصلاحات، كما ان تشكيل حكومة ائتلافية جديدة قد تستبعد ايضاً التوجهات الانفصالية الكردية عن العراق.



غير ان هناك عاملين ضروريين للتوصل الى اتفاقية حل وسط، احدهما تأييد آية الله السيستاني لها، إذ ان له نفوذا كبيرا حتى لدى الزعامة الايرانية، والعامل الثاني هو الحوار والتعاون في ما بين القوتين الخارجيتين القويتين اي الولايات المتحدة وايران، فكلاهما يهتم بالوصول الى حل فوري للازمة السياسية في بغداد، وان عليهما ان يعملا معاً وبالتوازي للوصول الى حل وسط سريع في ما بين الاحزاب السياسية ورئيس الوزراء، ويمكن ان يتعزز التعاون الايراني – الاميركي اكثر عن طريق قيام الولايات المتحدة بالتشاور مع المملكة العربية السعودية وتركيا بما لديهما من نفوذ في المنطقة.

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS