التمريض في العراق مهنة مقيدة بين نظرات المجتمع وواقع المستشفيات المتقلب
تاريخ النشر : 2014-08-20 19:12:29 أخر تحديث : 2024-11-23 16:45:21
روافدنيوز/أمير الغرواي/بغداد/
في جميع أنحاء العالم هناك أجماع وأحترام كبير لمهنة التمريض تكاد تتساوى مع الطبيب وعمله، لما تحمل من إنسانية ورحمة في معاملة المرضى، عكس ماهو موجود في العراق، والذي تختلف فيه التقيمات والمسميات لهذه المهنة، بسبب العوامل الأجتماعية والأقتصادية، فلهذا بقيت على هامش العمل الصحي رغم أهميتها الكبيرة.
وقالت الممرضة في مستشفى الكرامة (أسيل داود الغانمي) 46 عام أن "مهنة التمريض وما تحمله من طابع إنساني وأخلاقي يجعل منها مهنة تفوق بعملها ومعانيها السامية كل المهن الأجتماعية والإنسانية فضلا على أنها تفوق مهنة الطبيب في الكثير من الاحيان".
وأضافت الغانمي للوكالة العربية الأوبية للأنباء / أينا نيوز/ ان "عدم اقبال الفتيات على هذه المهنة يعود لوجود نظرة سلبية من المجتمع تجاه من تمارسها". موضحة ان" الاهل بطبيعة الحال لايروق لهم ان يزجوا ابنتهم في مجال عمل بهذه المواصفات ، لذا أصبحنا نعاني من شحة في عدد الممرضات وبذلك زاد العبء على الموجودات وازدادت ساعات عملهن مع بقاء الراتب المتواضع على ماهو عليه"، لافتة الى أن "استقدام الممرضات من خارج العراق هو دليل على ضعف وجود هذه المهنة في المجتمع العراقي".
من جانبها شكت مسؤولة الممرضات في الطابق الخاص بالباطنية الممرضة (وفاء عبد الرحيم)، خدمتها 35 سنة "من النظرة التي وصفتها بالسلبية جدا تجاه مهنة التمريض بسبب وجود الخفارات والمبيت في المستشفى والمجتمع يرفض ذلك، وقالت "عندما اصبح توزيع الخريجات في فترة من الزمن في التسعينيات مركزيا اعترضت الكثير من الخريجات على التعيين ، وكذلك اشترطت الدولة على جميع موظفاتها خدمة سنة كاملة في التمريض قبل الالتحاق بدوائرهن واختصاصاتهن وكان القرار وقتها لمعايشة واقع المستشفيات".
وأضافت "اليوم تدعي كل من تعمل بالخدمة في المستشفى من معينة سيئة وغيرها بأنها ممرضة او قد تقول المرافقة السيئة بأنها ممرضة خارج حدود المستشفى وهذا الامر أضاف سمعة غير جيدة الى الممرضات".
وألقت وفاء باللائمة على ادارة المستشفى وعلى الدولة بوجه عام في عدم توفير الدعم المادي والمعنوي للممرضات ، مشيرة الى "ان الادارة قد أعطت مخصصات للخفراء من الممرضات قدرها اربعون ألف دينار شهريا، الا انها قامت بقطعها بعد فترة رغم ان الممرضة الخافرة تعمل 18 ساعة يوميا في بعض الاحيان ، ولدينا ثلاث ممرضات فقط لكل 54 مريضاً اي ان الممرضة تتعب، مع الاسف ليس هناك تقدير وكذلك ليس لدينا سيارات تنقلنا من محل سكنانا خاصة في أوقات الانذار اي في مواسم الزيارات ، اذ يتوجب علينا ان نعمل بشكل اضافي لان عددنا غير كاف لذلك تُلغى الاجازات ونُجبر جميعا على الدوام ، وعند تغيبنا نحصل على عقوبة وعلى قطع راتب، مبينة أن "اليوم يريدون استيراد ممرضات بالعملة الصعبة ونقول بدلا عن ذلك ادعمونا نحن لاننا نعمل بجهود مضاعفة لقلة عددنا،على الممرضة عبء كبير فالطبيب يأتي لمتابعة حالة المريض صباحا ومن ثم يوجه الممرضة بتنفيذ العلاج ولاعلاقة له بما تعمل".
وفي سياق ذي صلة قال الشيخ فالح خالد الحسون لـ/أينا نيوز/ان"العراق بلد تحكمه العشائر اجتماعيا ويعتبر من المجتمعات الشرقية ولهذا لايمكن ان يتقبل فكرة عمل النساء في التمريض بسبب النظرة السوداوية على هذه المهنة".
وأضاف الحسون أن "النساء في قانون العشائر مكانها غالبا البيت ولكن هناك اعمال تروق للمراة اكثر من مهنة التمريض "مبينا ان "عمل الممرضة ليلا وبين الرجال لايمكن ان تتقبله العشائر أو اي عرف أجتماعي لأننا في بلد شرقي وليس غربي".
أن من اهم الاسباب التي ادت الى تخلف مهنة التمريض يعود الى الأساليب المتخلفة التي تبناها النظام السابق بفتح مجموعة من المدارس الخاصة للتمريض سميت آنذاك بمدارس الحزب وتم فيها قبول كوادر ليس لها علاقة بمهنة التمريض ما ادى الى انتكاسة كبيرة بهذه المهنة.
وفي شيئا من التفائل قال الطبيب أياد محمود الأسدي لـ/ أينا نيوز/ أن "واقع التمريض وفق الظروف الآنية ليس سيئا وهو في طور النمو خاصة وان كليات التمريض في العراق بدأت بتحديث مناهجها وتوفير مستلزماتها من أبنية وتدريسيين تستطيع من تأدية مهامها بشكل كبير، ولكن في الوقت نفسه هي بحاجة الى دعم اكبر من وزارة التعليم.
وأشار الأسدي الى ان" مهنة التمريض في العراق مازالت مهنة طاردة من قبل شرائح متعددة من الناس بسبب النظرة السلبية من بعض الاسر العراقية. داعيا الى" ضرورة وضع خطط علمية للرقي بالمهنة وتطبيق الجودة فيها لأنها على تماس بالمرضى وتوسيع التعاون بين وزارتي الصحة والتعليم للارتقاء بالمهنة من حيث المهام لكي يستطيع الممرض الجامعي تأدية واجبه على اكمل وجه.
موضحا ان "الاستعانة بالخبرات الاجنبية من ممرضين واطباء في المؤسسات الصحية علينا اولا بدراسة الاسباب وتقييمها من حيث ان الهدف من ذلك، هل هو نقص بالكوادر ام حالة من التطعيم ؟ فإذا كان النقص في الكوادر فعلى الحكومة زيادة أعداد الطلبة المقبولين في كليات التمريض، واذا كانت الحالة تطعيم بالخبرات فلابد من الاستعانة بالأساليب العلمية المتقدمة ".
من جهته حمل قاسم رشيد حمد معاون شؤون التمريض في مستشفى الكرامة "وسائل الإعلام مسؤولية في حث الناس على دفع أبنائهم وبناتهم للانخراط في هذا السلك الإنساني"، قائلاً "نحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في إشاعة ثقافة احترام كل المهن وخاصةً التمريض مطالباً إياه أن يكون له دور في تغيير النظرة المجتمعية الضيقة لهذه الشريحة فهي مهنة إنسانية ولذلك علينا أن نشعر من يعمل بها بالقيمة والأهمية"./انتهى