الواقع العراقي يفرض دول داخل دولة وعزل السنة عن داعش يمكن في جملة تنازلات

تاريخ النشر : 2014-07-28 23:45:17 أخر تحديث : 2024-09-16 02:21:23

الواقع العراقي يفرض دول داخل دولة وعزل السنة عن داعش يمكن في جملة تنازلات

روافدنيوز/بغداد/ حمزة الخيلاني...



واكب المهندس سعد منعم مراحل العنف الطائفي التي وصل العراق ذروتها عقب تفجير الاماميين العسكريين في سامراء عام 2006 وأصبح الآن يرى أن بقاء العراق نفسه عرضة للخطر في ضوء التقسيم الفعلي للبلاد إلى مناطق شيعية وسنية وكوردية. سعد البالغ من العمر 27 عام ولم يتزوج لحد الان يقول أن"الوضع متوتر فعلا ومن المحتمل أن يزداد سوءا"، بحسب تقرير اعلامية غربية,ووصف سعد كيف أطلق مسلحون شيعة النار على والده فقتلوه في ذروة الصراع الطائفي قبل سبعة أعوام,عندها لجأت الأسرة إلى حي سني في العاصمة. وجاء فرار الاسرة مع فرض العنف نوعا من الفصل بين الطوائف التي كانت تختلط في المدينة من قبل. وتعيش الاسرة الآن في حي الأعظمية بالقرب من مرقد الامام او حنيفة النعمان أحد أئمة اهل السنة الكبار. ويقول سعد إنه مازال يشعر بعدم الأمان في الأعظمية لكنه نادرا ما يتجول في بقية أنحاء بغداد التي تنتشر فيها الحواجز الاسمنتية ونقاط التفتيش الأمني لتذكر بمصير العراق المتشرذم.



الواقع العراقي يفرض دول داخل دولة وعزل السنة عن داعش يمكن في جملة تنازلات



واندلعت أحدث وأخطر أزمة عندما اجتاح مقاتلون أغلبهم من السنة شمال العراق الشهر الماضي ويرفرف علم المتشددين الأسود الآن فوق معظم الأراضي التي يقطنها سنة في البلاد. واستغلالا لفرصة التقدم خطوة جديدة صوب الاستقلال استولت القوات الكوردية على مدينة كركوك وحقول النفط القريبة منها لتترك للحكومة التي يقودها الشيعة السيطرة على منطقة العاصمة وجنوب البلاد الذي تسكنه أغلبية شيعية. وتحاول الحكومة تغيير هذا الوضع الذي أصبحت البلاد مقسمة فيه إلى ثلاثة أقسام لكن اعتمادها على ميليشيات شيعية ومتطوعين لا على الجيش الوطني عمق الارتياب الطائفي دون أن يدفع المتشددين للتراجع. وقال عراقي ينتمي للطائفة السنية ويعيش في حي شيعي معزولا عن بقية المدينة تفصله عنها نقطة تفتيش لا يسمح لغير المقيمين بالمرور من خلالها إن الحياة هناك أصبحت لا تطاق لمن لا ينتمون للطائفة الشيعية التي تمثل الاغلبية. وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 40 عاما ويعمل ميكانيكي سيارات في منطقة صناعية وسط العاصمة بغداد طلب عدم الكشف عن اسمه حفاظا على سلامته "السنة يريدون الانفصال الان. الحقائق على الارض تقول لكم أن هذه ستكون النتيجة النهائية". فيما يؤيد وبشدةهوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي والقيادي في حزب مسعود بارزاني على وحدة العراق على الرغم من الواقع الجغرافي الجديد فقال "البلد مقسم فعليا إلى ثلاث دول هي الدولة الكوردية والدولة السوداء (التي يسيطر عليها متشددون اسلاميون) وبغداد". وركزت الصفوة السياسية في العراق والقوى العالمية على تشكيل حكومة جديدة باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد لانقاذ البلاد لكن هذه الخطوة قد تتحقق بعد فوات الأوان. فيما يقول القيادي في المجلس الاعلى عادل عبد المهدي والذي تسنم منصبين الاول في حكومة اياد علاوي عام 2004 عندما كان وزيراً للمالية ونائباً لرئيس الجمهوريةبعدها في حكومةتراسها الجعفري عام 2006 أن مايمر بالعراق من ازمة حالية تكاد تكون" أخطر أزمة واجهها العراق منذ انشائه كدولة. فهي أول مرة تدور فيها الشكوك حول وحدة أراضي الدولة". وذلك مبعوقث للقلق ويسهم في زعزعة استقرار المنطقة المضطربة بدرجة أكبر. كذلك فإن سوريا تواجه خطر التفكك إذ يسيطر مسلحون إسلاميون على معظم مناطقها الشرقية منذ أكثر من عام. ويضرب التراث العراقي بجذوره في التاريخ إذ يعود للحضارة القديمة التي قامت على ضفاف نهري دجلة والفرات لكن دولة العراق الحديثة نتجت عن دمج أقاليم البصرة وبغداد والموصل في أعقاب تفكك الامبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى. وقال عبد المهدي إنه لا يوجد ما يوحد العرب من السنة والشيعة بينما تبدو فكرة الشعب العراقي خيالية بدرجة أكبر لأغلب الكورد الذين تعرضوا للاضطهاد في عهد صدام حسين. بينما يجد مسرور بارزاني رئيس مجلس الامن الوطني في اقليم كوردستان "العراق دولة فاشلة. دولة مختلقة. لم تكن قط دولة باختيار الشعب أو مقومات هذا البلد. فقد اضطر الناس للعيش معا". وقال بارزاني إن بغداد مسؤولة عن الفشل في إبقاء العراق موحدا ودافع عن طموحات الاستقلال الكوردية. مشيرا إلى أن تنظيم داعش "لا أعتقد أن أي شخص عاقل في العالم يتوقع أن يعيش الكورد وأن يقبلوا بأن يكونوا شركاء في بلد مع منظمة ارهابية". وانكشف ضعف المؤسسات الوطنية بفعل التأخير الطويل في تشكيل حكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في نيسان الماضي وانكماش دور وحدات الجيش الشهر الماضي مقارنة بالميليشيات الشيعية الأكثر انضباطا. وفي سامراء على مسافة 110 كيلومترات من بغداد والتي تعد من أبعد المدن في اتجاه الشمال التي تسيطر عليها القوات الحكومية شاهد مصور لرويترز دوريات من الميليشيات الشيعية أكثر مما شاهد من قوات الجيش. وقال النائب عن كتلة الاحرار التابعة لمقتدى الصدر حاكم الزاملي والذي أشرف على نشر ميليشيا كتائب السلام في سامراء "نحن أفضل من الجيش لاننا نقاتل دفاعا عن معتقداتنا". ويسلط عجز الحكومة طوال النصف الاول من العام الجاري عن استعادة مدينة الفلوجة الواقعة على مسافة 50 كيلومترا غربي بغداد من أيدي مسلحي داعش الضوء على مدى سوء تجهيز القوات العراقية. أما الاكاديمي والاستاذ الجامعي والمؤلف فنار حداد "أحد الاحتمالات أن تبقى هذه الاراضي خارج سيطرة الحكومة لفترة طويلة من الوقت. وهذا سيؤدي إلى نوع من التقسيم الفعلي". ويتعين على الحكومة أن تغري الاقلية السنية بالابتعاد عن المتشددين الذين يهددون بتطويق بغداد إن كانت ستتاح لها فرصة تغيير الأمر الواقع. وقد استغل تنظيم داعش استياء السنة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لتأكيد وجوده في المناطق التي يمثل فيها السنة الأغلبية. وقبل ثماني سنوات واجه الجيش الامريكي تحديا مماثلا من المتشددين الذين كانوا يتبعون تنظيم القاعدة وأقنع شيوخ العشائر السنية بتغيير مواقفهم وعرض ملايين الدولارات كحوافز لهذا الغرض. لكن هذا ليس متاحا هذه المرة. فقد أوقف المالكي مدفوعات هؤلاء الشيوخ قبل عامين ما جعلهم يشعرون بغصة ومن المستبعد أن يخوضوا القتال مرة أخرى من أجل الحكومة الاتحادية. وقال الدبلوماسي الامريكي السابق روبرت فورد الباحث المقيم بمعهد واشنطن إنه "ما لم يقدم المالكي بعض التنازلات الكبيرة للعرب السنة سيكون من الصعب جدا فصلهم عن الدولة الاسلامية". وقال فورد الذي عمل في بغداد بين 2004 و2006 إن "عقيدة الدولة الاسلامية ستؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة مع حلفائها من السنة. غير أن الطوائف السنية في الوقت الحالي متحدة في معارضتها للمالكي". ويتهم منتقدون المالكي بتهميش السنة والكورد خلال السنوات الثماني التي أمضاها في السلطة. بل إن بعض السياسيين من الشيعة يعارضون منحه فترة ثالثة رغم أن كتلته حصلت على أعلى نسبة من الاصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. تنبأ مسؤول عسكري أمريكي خدم في العراق بأن "اربع دويلات متحاربة" قد تظهر أولها بناء على النفوذ الشيعي جنوبي سامراء وكوردية في الشمال الشرقي ودولتان سنيتان واحدة على نهر دجلة والأخرى على الفرات. وكثير من مناطق العراق يختلط فيها السنة والشيعة ولذلك فإن التقسيم يعني بقاء مليون سني في تلك المناطق تحت سيطرة الشيعة. وقالت إيما سكاي المستشارة السياسية البريطانية لقائد القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة في العراق بين 2007 و2010 "العراق لا يسقط بسهولة. لا يوجد شيء اسمه التقسيم الناعم لان هذه الحدود ليست معينة بشكل واضح. والتقسيم من أي نوع يتطلب مستوى فظيع من القتل والتطهير العرقي". وحث المالكي العراقيين على مقاومة أي تحركات ترمي للتقسيم الذي قال إنه سيؤدي إلى تفسخ البلاد. لكن كثيرين يقولون إنه هو نفسه قوة سلبية. وأضافت سكاي هاتفيا من شمال العراق "الأزمة ليست عن الأحقاد القديمة بل هي فشل ذريع للقيادة. ومن الواضح انه كان فشل السياسات الغربية الامريكية. وبالقيادة يمكنهم تحويل دفة الموقف". ولم يعرض ساسة السنة حلولا تذكر لهذه الأزمة لأسباب منها أن نفوذهم محدود جدا في المناطق السنية بالمقارنة مع داعش ومسلحي العشائر. وقال حداد إنه ربما تتطلع المحافظات التي يمثل السنة أغلبية فيها في غرب البلاد وشمالها إلى حكم ذاتي مماثل لما يتمتع به الكورد في الشمال الشرقي لكن حتى البدء في التفاوض على مثل هذه الصفقة - وهو ما ستعترض عليه بغداد - يتطلب تركيبة سياسية جديدة في العاصمة. فهذا يتطلب أيضا هزيمة تنظيم داعش. وقال حداد "نسمع عن تفكك العراق وأن العراق سيتفكك منذ عام 2003. لكن لم يخطر على بالي قط أن ينقسم العراق العربي. واليوم أحسب أن احتمالات وحدة العراق حتى العراق العربي وحده تتلاشي بسرعة".

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS