"تحت أنظار أمريكا".. الغارديان تكشف تفاصيل تكوين "داعش" في سجن عراقي

تاريخ النشر : 2023-10-29 10:14:33 أخر تحديث : 2024-05-06 10:37:50

"تحت أنظار أمريكا".. الغارديان تكشف تفاصيل تكوين "داعش" في سجن عراقي

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، تفاصيل تكوين الخلية الارهابية في السجن العراقي وتحت انظار القوات الامريكية، فيما اشارت الى طريقة تسلم "أبو بكر البغدادي" زعامة داعش.


وأجرت الغارديان مقابلة، مع أحد كبار القادة في داعش، وترجمتها السومرية نيوز، ذكرت فيها: "في صيف 2004، اقتاد الجنود شاباً عرف بالاسم الحركي، (ابو احمد)، الى سجن بوكا كشاب في العقد الماضي، ولقد حصل على رتبة رفيعة مع زملائه الذين قضوا السجن معه في داعش".



وقال ابو احمد ان "السجناء كان يرتعدون خوفاً من سجن بوكا ولكن سرعان ما عرفوا انه ليس سيئا للغاية حيث انه كانت الفرصة الذهبية التي وفرها لهم السجن تحت قيادة الجيش الامريكي، حيث لم يكن باستطاعتنا ان نجتمع في بغداد او في اي مكان آخر بهذه الطريقة».



وأضاف "لقد كنا امنين هنا في السجن، الأوضاع خطرة للغاية خارج اسوار السجن ولكننا هنا على بعد بضعة أمتار من القيادة الرئيسية للقاعدة".



والتقى ابو احمد، بأمير داعش ابو بكر البغدادي للمرة الأولى، والذي وصف بأنه أخطر رجل في العالم، وقال ابو احمد "لقد توجه السجناء إليه منذ البداية ولكن لم يتوقع أحد أن يصل الى هذا المنصب".



مشاركته في تكوين ما يعرف بداعش أدت الى حصوله على مركز رفيع في الخلايا المستجدة التي تسربت من الحدود السورية، حيث يعتقد العديد من زملائه ان تساقط النظام في المنطقة ساهم بإعادة طموحهم في العراق والذي يعتبر الهدف غير المحقق بعد ولكن الحرب في سوريا اعطتهم ميداناً جديداً.



وافق ابو احمد للتحدث، بعد أكثر من سنتين من المشاورات والتي من خلالها أفصح عن ماضية وعن كونه جزأً رئيساً في أكبر شبكة مليشيات وعبر عن قلقه عن انتشار داعش في العراق والشام.



ولقد أعاد ابو احمد النظر في أفكاره بعد اندلاع الحرب في العراق وسوريا وفي الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط والتي ستستمر الى أجيالٍ قادمة ملية ببحر من الدماء على أيدي رفاقه الأيديولوجيين، حيث أن وحشية داعش تتزايد بشكل كبير حسب وجهة نظر ابو احمد الذي بدأ بالتغيير مع مرور الوقت حيث أعاد النظر حول تفسير القران وليس تطبيقه حرفياً.



لقد وافق ابو احمد على التحدت مع صحيفة الغارديان بعد تفهمه لما آلت اليه داعش وذلك من خلال جلسات مطولة من خلالها قدم معلومات وفيرة عن القائد الغامض وعن نشأة الخلية الارهابية والتي تعود من سنة 2004 وهي السنة التي التقى فيها مع ابو بكر البغدادي في سجن بوكا وإلى عام 2011 عندما بدأ العراقيون المتمردون بعبور الحدود الى سوريا.



في بداية أيام سجن بوكا أصبح السجين اليوم أخطر شخص في العالم أكثر عزلة عن بقية السجناء الاخرين الذين كانوا يرونه كشخص متحفظ وغامض، لكن سجانيه كانت لهم نظرة مختلفة حيث كانوا يرون انه شخص مراضية ومهدئ لبث الهدوء في وسط يشوبه الريبة.


قول ابو احمد: "أحسست انه يخفي شي غامض الذي في داخله الذي لم يرد أحدًا ان يراه. لقد كان مختلفًا جداً عن كل الأمراء الذين كانت معاملتهم سهلة. لقد كان منطويا وبعيدا عنا جميعا".



ولد البغدادي إبراهيم ابن عواد البدري السامرائي في عام 1971 في مدينة سامراء العراقية، وألقي القبض عليه من قبل القوات الامريكية في الفلوجة في شهر شباط ٢٠٠٤، وقام بمساعدة تشكيل المليشيات المسماة بجيش اهل السنة الجماعة والتي انتشرت بين الجماعات السنية الثائرة حول مسقط رأسه.



وألقى القبض عليه في منزل صديقه ناصيف جاسم ناصيف، ونقل الى سجن بوكا ولكن الامريكيون لم يتعرفوا على هويته الحقيقة.



لقد وُزِعَ رفاق البغدادي السجناء والذين هم أكثر من 24000 سجين على 24 معسكراً وكل هؤلاء السجناء لم يعرفوا هويته الحقيقية.



وكان السجن هرمي التقسيم وذلك يبرز من خلال ألوان زي السجناء حيث يتعرف السجانين من خلالهم على نوع التهمة.



قال ابو احمد: «اللون الاحمر للذين اقترفوا أخطاءً في السجن، والأبيض لزعيم السجناء، والأخضر للسجن الطويل الامد والأصفر والبرتقالي للسجناء العاديين. هذا حسب ما أتذكر".



ودخل البغدادي سجن بوكا وهو يناهز 33 من العمر وكان يشن حملة ضد الامريكيين والتي كان يحشد لها مليشيات من وسط وغرب العراق.



الاحتلال الذي جاء متقنعاً بحرب التحرير أصبح استعمارًا طاحنًا، وحرم اهل السنة من راعيهم صدام حسين وبدأوا القتال ضد القوات الامريكية وبعدها وجهوا بنادقهم الى المستفيدين من إطاحة صدام حسين وهم الاغلبية الشيعية.



وتُعتبر مليشيات البغدادي إحدى عشرات المليشيات التي ظهرت من الجماعات السنية المتمردة تحت راية القاعدة في العراق ومن ثم تحولت الى داعش في العراق، حيث أن هؤلاء هم السلائف لما يُعرف بداعش، والتي جذبت الجيش الامريكي الى المنطقة الهشة بعد ان انسحبوا قبل ثلاث سنوات وظنوا انهم لن يرجعوا إليها.



وكانت خلية البغدادي معروفة قليلاً خلال فترة سجنه التي قضاها في سجن بوكا وكان هوا من الشخصيات الأقل تأثيرا من قائد المتمردين ابو مصعب الزرقاوي الذي يمثل الرعب الحقيقي في العراق واوروبا وامريكا.



لكن البغدادي عرف كيف يبرز شخصيته ويطغي على كل القادة الذين كانوا في بوكا وفي كل أنحاء العراق، وحصل على شهادة الدكتوراة في الدراسات الاسلامية من جامعة بغداد الإسلامية، واعتمد البغدادي على كلا نسبه وشهادته لإعلان شرعية الخلافة الاسلامية في تموز 2014، وكان ذلك مصيرٌ متبين في ساحة السجن قبل عشرة سنوات.



وقال ابو احمد "إن البغدادي معروف بهدوئه وبشخصيته الجذابة، عرفت انه شخص مهم ولكني في الحقيقة لم اتوقعه ان يصل الى هذا المستوى".



حسب ما رواه ابو احمد ومسجونين آخرين في سجن بوكا في 2004 ان البغدادي كان له طريقته للتعامل مع سجانيه، اعتبره الامريكيون الشخص الذي يلجون اليه لحل النزاعات بين السجناء ولفرض الهدوء داخل اسوار السجن.



قال ابو احمد «مع مرور الأيام، وكلما كان هناك مشكلة في السجن برز البغدادي كعنصر هام، وأراد ان يكون المسؤول الأول للسجناء، عندما أَنظُرُ مرةً أُخرى أجد بأنه كان يستخدم أسلوب "فرق تسد" للحصول على غايته".



وأُطلق سراح البغدادي في كانون الاول 2004 بعد ان قُرِّرَ انه لا يشكل خطراً.



وذكر ابو احمد "ان الامريكيون احترموه كثيرًا. ولذلك استطاع زيارة السجناء في معسكر آخر متى أراد، ولكننا لم نستطع الحصول على نفس المطلب، وخلال تلك الفترة، كان يقود حملته خفيه عن انظارهم ويقوم ببناء داعش، لو لا السجن الامريكي في العراق لما كان هناك داعش. نحن نعتبر بوكا مصنع الذي ساعد في وبناء عقيدتنا".



بدأت داعش بالانتشار في المنطقة تحت راية الرجال الذين كانوا في السجون الامريكية خلال فترة الاحتلال الامريكي للعراق، بالاضافة الى سجن بوكا، كان هناك معسكر كروبر قرب مطار بغداد كما كان هناك سجن ابو غريب في غرب بغداد الذي أُغلق بعد 18 شهر في بداية الحرب.



وحسب أقوال العديد من المسؤولين الامريكيين الذين كانوا يديرون عمليات الاعتقال إن الكثير من السجناء الذين أُطلق سراحهم ساهموا بشكل كبير في العمليات التخريبية.



"لقد حضرت عدة إجتماعات والتي قال فيها العديد ان الامور تجري على ما يرام" وهذ ما قاله علي خضيري، المساعد للسفراء الامريكيين في العراق بين 2003 و 2011 وهو ايضا مساعد لثلاث قادة عسكريون امريكيون. ومع مرور الوقت، بدأ القادة الامريكيون بقبول الواقع "أصبحت هنالك عناصر متشددة وهنالك نتائج عكسية في عدة مجالات، لقد بدوا بالتخطيط والتنظيم لتعيين قادة وشن حملات".



ووافق ابو احمد على هذا: "كل الامراء كانوا يجتمعون في السجن بشكلٍ مترددٍ، وتقربنا جداً من بعضنا البعض، عرفنا مدى قدراتهم وكيفية استخدامهم لأي سبب ما، واهم السجناء في بوكا كانوا المقرّبين من الزرقاوي الذي إعتُبر قائد المجاهدين في 2004".



واضاف ابو احمد "كان لدينا الكثير من الوقت للتفكير والتخطيط. انها البيئة المثالية. اتفقنا ان نجتمع بعد إطلاق سراحنا وكانت عملية الاتصال سهلة. كتبنا ارقامنا في ملابسنا الداخلية وعندما خرجنا من السجن اتصلنا ببعضنا. كان عندي ارقام هواتف وعناوين كل المهمين لي، وفي 2009 عاد الكثير منا ليقوم بما قام قبل القبض علينا. ولكننا الان نقوم بها بطريقة أفضل".



وتقدر الحكومة العراقية بأن عدد القادة الكبار في داعش هم 17 من اصل 25 يديرون المعركة في العراق وسوريا كانوا مسجونين في السجون الامريكية بين 2004 و 2011، ونقل البعض منهم من السجون الامريكية الى السجون العراقية و في تلك الأثناء تم اقتحامها في السنوات الماضية و ذلك ما سمح للعديد من القادة الكبار في داعش بالهروب و الانضمام ثانية الى صفوف المتمرّدين.



وهرب أكثر من 500 سجين عند اقتحام سجن ابو غريب في 2013 حيث كان البعض منهم قاده جهاديين الذين تم اعتقالهم من قبل الامريكان وقد هربوا في تموز 2013 بعد ان اقتحمه عناصر داعش وقامت هذه العناصر بنفس العملية على سجن التاجي.



واغلقت الحكومة العراقية سجن ابو غريب في نيسان 2014 الذي يبعد 15 ميلا عن غرب بغداد ومازال مقفلا، هو قريب من الخط الامامي للقتال بين داعش والقوات العراقية قليل الجاهزية وهو قرب الطريق بين الفلوجة والرمادي.



الكشف عن التعذيب في سجن ابو غريب كان له التأثير المتشدد في نفوس العراقيين الذين رأوا في الاحتلال الامريكي حضارة مزعومة وتقدم بسيط بعد طغيان صدام. بالرغم من وجود شكوى قليلة عن التعذيب في سجن بوكا الى حيث اقفاله في عام 2009، الّا ان العراقيين اعتبروه كرمز قوي للسياسة غير العادلة التي أدى بالآباء والأبناء والأزواج العراقيين — بعضهم مدنيين — في سجون كنتيجة للمداهمات العسكرية على مناطق سكنية.



وفي ذلك الوقت رد الجيش الامريكي علميات التوقيف قانونية وأنها شبيهة بما تقوم به اي قوات ضد العمليات الارهابية كعمليات الجيش البريطاني في ايرلندا الشمالية، الاسرائيلية في غزة والضفة الغربية وكذلك النظامين السوري والمصري.



البنتاغون يستمر بالدفاع عن سجن بوكا حتى بعد مرور 5 سنوات على إغلاقه ويعتبره مثلًا لتطبيق القانون في وقتٍ صعبٍ، «خلال العمليات العسكرية بين 2003 2011 قامت القوات الامريكية بسجن آلاف من سجناء الحرب".



وصرح الكولونيل ميلز ب كاجينز وهو المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع الامريكية لشوُون السجناء. «هذا النوع من التوقيف سائد خلال الحروب، إن توقيف المشبوهين في عمليات الارهاب هو امر قانوني وهو الطريق الانساني لحماية امن واستقرار المواطنين".



وبعد إفراج عن البغدادي، أُفرج عن أبو أحمد أيضًا، بعد وصوله الى مطر بغداد اخذه رجال قابلهم في سجن بوكا الى بيت في غرب العاصمة ومن هناك إنضم ثانية للمجاهدين الذي تحول من المعركة ضد الاحتلال الى حرب دامية ضد العراقيين الشيعة.



وانتشرت فرق الموت في بغداد وخاصة في مركز العاصمة وقاموا بقتل عناصر من الشيعة وبدوا بتهجير السكان من المناطق التي يسيطرون عليها، تغيرت العاصمة كثيراً على ابو احمد، أصبح من الممكن مراقبة كل تطور جديد في الحرب الطائفية بمساعدة السجناء الجدد قي بوكا، ولقد عرف ابو احمد الاجواء التي عاد اليها وكان لقادته في السجن خطط له.



وعندما وصل ابو احمد الى منزله في غرب بغداد، قام بقطع الحبل الموجود في لباسه الداخلي والذي يحوي ارقام زملاءه في السجن وبدأ الاتصال بهم لبدا العمل. "قام زملائي في السجن بالاتصال ببعض وكانت العملية سهلة للبقاء على اتصال". يبتسم ابو احمد خلال الحديث معي عندما يتذكر خطتهم "ملابسنا الداخلية جعلنا نربح الحرب".



وكان هدف الزرقاوي اعاده احياء 11 ايلول لتصعيد الموقف، لقد اراد شيئا لنقل الحرب الى قلب العدو وبالنسبة له يمكن ان يحدث هذا من خلال هدفين: كرسي للقوى الشيعية او تشكيل رمز ديني. في شهر شباط 2006، وبعد شهرين فجر الزرقاوي الامام العسكري في سامراء شرق بغداد، عندها اشتعلت الحرب الاهلية وتحققت طموحات الزرقاوي.



عندما سألته عن نتائج هذا العنف، أجاب "كان هنالك سبب لإشعال الحرب، ولم يكن السبب لأنهم شيعة ولكن لان الشيعة دفعونا لهذا الموقف، لقد سهل الجيش الامريكي نقل السلطة لهم وهم كانوا متواطئين مع بعض".



وعندها بدأ الحديث عن الرجل الذي اعطى الاوامر: «كان الزرقاوي ذكيا وكان من أحسن المخططين الاستراتيجيين الذين حضت بهم داعش، وكان ابو عمر البغدادي شرسا»



قال ابو احمد وهو يصف خليفة الزرقاوي والذي قتلته القوات الامريكية في نيسان 2010، "ولكن البغدادي هو الاكثر تعطشا للدماء".



وتابع أبو أحمد: "عندما قتل الزرقاوي، ظهر العديد من رفاقه اللذين كانوا متعطشين للدماء أكثر منه، كان فهمهم للشريعة والانسانية رخيص جدا، لم يفهموا التوحيد (المبدأ القرآني لتوحيد الله) بالطريقة التي يجب فهمها، ولا يجب علينا فرض التوحيد عن طريق الحرب".



بالرغم من التحفظات التي بدأت تظهر بعد 2006، أصبح ابو احمد جزءاً من جهاز القتل البشري التي تعمل بسرعتها القصوى خلال سنتين، حيث تم تشريد الملايين وتهجير العديد من الاحياء السكنية وتعرض العديد للقسوة الوحشية.



في ذلك الصيف، قتل الجيش الامريكي الزرقاوي بمساعدة المخابرات الاردنية في ضربة جوية شمال بغداد. في نهاية 2006، أصبح التنظيم ضعيفا حيث اقتلعت جذوره من الانبار واضمحل وجودهم في انحاء العراق.



ولكن حسب ما قال ابو احمد ان التنظيم استخدم هذه الفرصة لإعادة إحيائه وابراز النظام وتأكيد هويته، حيث اعتبرت السنوات بين 2008 و2011 سنوات هدوء موقت وليس هزيمة.



في هذا الوقت، ظهر ابو بكر البغدادي وشاع صيته كمساعد امين للقائد ابو عمر البغدادي ومساعدة الجهادي المصري ابو ايوب المصري، ومنذ ذلك الحين، قال ابو احمد، بدأت داعش بالاتصال بالعناصر البعثية في النظام السابق وهم الذين يشاركونهم المبدأ بان العدو هو الامريكان والحكومة الشيعية التي تسانده.



ان التجسيد الاولي للدولة الاسلامية انخرط مع البعثيين الذين خسروا كل شي عندما اطيح بصدام حسين وأصبح المبدأ «عدو عدوي صديقي» ولكن في بداية 2008 وهذا حسب ما قاله ابو احمد ومصادر اخرى ان هذه الاجتماعات اصبحت متكررة والعديد منها كان في سوريا.



في عام 2008، بدأ الجيش الامريكي بالتفاوض حول نقل السلطة الى المؤسسات العراقية الضعيفة وتمهيد الطريق لخروجهم من العراق، لقد كان هناك فئات عراقية قله استطاع الامريكان الوثوق بهم في الحكومة العراقية ومن ضمنهم الجنرال حسين علي كمال، مدير المخابرات في وزارة الداخلية، كان علمانيا كرديا وحصل على ثقة الحكومة الشيعية. من اهم أحد مسؤولياته هو تامين بغداد من العمليات الارهابية.



وكان حسين علي كمال مقتنعا مثل الامريكان ان سوريا وراء زعزعة الامن في العراق، لقد وصل الجنرال الى هذه النتيجة بعد عدة تحقيقات اجراها مع جهاديين الذين تم القاء القبض عليهم. خلال العام 2009، أفصح الجنرال وذلك خلال لقاءات عديدة عن ادلته واستخدم خرائط توضح الطرق التي سلكها الارهابيون لعبور الحدود الى غرب العراق كما انه قال لي الاعترافات التي ساندت رحلات الارهابين وعلاقاتهم مع مسؤولين سوريين في المخابرات السورية.



وعندما انحسرت عمليات داعش في العراق، أصبح مهووسا باجتماعين حصلوا في سوريا عام 2009 والتي حظر بها جهاديين عراقيين ومسؤولين سوريين وبعثيين سوريين وعراقيين، اصيب الجنرال حسين بسرطان نادر في 2012 وتوفي في 2014 وهو صرح لي بنشر حوارنا وقال: «قل لهم الحقيقة».



قابلته للمرة الاولى في 2009 واعطاني تفاصيل دقيقة حول الاجتماعين السريين في منطقة الزبداني قرب دمشق، والتي حدثت في ربيع تلك السنة، وكان من الحاضرين للاجتماع قادة بعثية التجوا الى سوريا بعد سقوط نظام صدام، ومخابرات سورية وشخصيات مهمه فيما يعرف ذاك الوقت بالقاعدة في العراق.



عند بداية 2004 و2005 بدا التواصل بين المتمردين الاسلاميين والبعثيين» حسب اقوال علي قدري، المستشار السابق للسفراء الامريكان والمسؤولين الرفيعين المستوى في العراق.



مع مرور الوقت، تحول بعض البعثيين الى اسلاميين متشددين وبدأ الوضع بالتأزم، مع سنة 2007، قال الجنرال ديفيد بطرس ان الامور واضحة جدا وان العلاقة بين المخابرات السورية والجهاديين متواطدة ولكن الحوافز ليست متطابقة 100%".



واوضح ابو احمد من خلال مقابلاتنا ان العلاقات السورية واضحة في العمليات التخريبية في العراق. «لقد عبر المجاهدين من سوريا، لقد عملت مع العديد منهم"، وان اصحابي الذين كانوا معي في بوكا قدموا الى العراق عبر المطار في دمشق.



ويعتبر المسؤولون العراقيون خط التمويل الخطر الاساسي للحكومة العراقية والذي يعتبر العامل الرئيسي لتسميم العلاقات بين رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي والرئيس السوري بشار الاسد.



وكان المالكي مقتنعا ان بداية الحرب الاهلية هي خطة بشار الاسد لزعزعة نظامه وهي طريقة لإحراج الامريكان وان الادلة التي امتلكها في 2009 خلال مقابلته في دمشق ادت الى اشمئزازه من الرئيس السوري.



"كان مصدرنا في الغرفة مرتديا جهاز تصنت» قال الجنرال حسين. «كان هذا أكثر المصادر حساسية، حسب علمنا، هذه هي المرة الاولى التي حصل فيها لقاء استراتيجي على هذا المستوى بين كل الاطراف. هذه هي بداية نقطة هامة في التاريخ".



وفق مصدر الجنرال حسين ان حضور البعثيين للاجتماع هو للتوافق على سلسلة من الهجمات على بغداد وتقليل شعبية رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والذي للمرة الاولى ساهم في تنظيم ما بعد الحرب الاهلية في العراق. حتى ذلك الوقت، كان البعثيين والقاعدة في العراق على اختلاف تام في الايديولوجية ولكن الصعود للشيعة في العراق ومساندة إيران لهم دفعت الطرفين للتوحد.



في تموز 2009، زادت وزارة الداخلية عدد نقاط التفتيش حول نهر دجله في بغداد مما أصبح من الصعب التنقل في اي وقت، وتلقى الجنرال حسين رسالة من مصدره في سوريا يقول فيها ان تشدد الامن على الجسور دفع بالقاعدة لتغيير الخطة، ولقد اختاروا الان اهدافا جديدو ولكنه لا يعلم ما هي الاهداف او متى ستتعرض للقصف.



قضى الجنرال حسين اسبوعين كاملين في مكتبه جنوب بغداد في منطقة العرصات قبل ان يهاجم رتل على جسر 14 تموز وهو الهجوم الذي حصل قبل ايام من ضرب بيته في المنطقة الخضراء.



اما بالنسبة لبقية الشهر، قضى الجنرال ساعات عديدة يركض فيها على جهاز الركض يأمل ان يساعده التدريب على التفكير بشكل جيد وان يسبق الارهابين في خططهم ويحبطها.



"ان الركض يساعدني على الخسة ولكته لم يساعدني على معرفة خطط الإرهابيين" هذا ما قاله قبل ان تحصل الهجمات "انا اعلم ان لديهم خطة كبيرة".



في صباح 19 ايلول، انفجرت اول الشاحنات الثلاث المحملة بالمتفجرات قرب وزارة المالية جنوب شرق بغداد، وسمعت اصداء الانفجار في كل انحاء المدينة، وبعد ثلاث دقائق، حصل الانفجار الثاني على ابواب وزارة الخارجية في الجهة الشمالية من المنطقة الخضراء وبعدها بقليل انفجار على رتل الشرطة قرب وزارة المالية.



هذه الانفجارات ادت بحياة 101 شخص وجرحت 600 اخرين، وكانت هذه من اعنف الهجمات خلال الست سنوات من العنف في العراق.



"لقد فشلت" قال الجنرال في ذلك اليوم «لقد فشلنا جميعا» هذا ما قاله لرئيس الوزراء نوري المالكي وقادته الامنين، كان رئيس الوزراء غاضبا جدا.



في اذار 2010، القت القوات العراقية القبض على القائد مناف عبد الرحيم الراوي وذلك بمساعدة الامريكان، تم التحري عنه وعرف العراقيون انه واحد من اهم القادة المتمردين في بغداد وهو واحد من القلة الذين لهم علاقة وثيقة بابو عمر البغدادي. اعترف الراوي وقامت اجهزه المخابرات العراقية بالتعاون لإلقاء القبض على ابو عمر البغدادي بعد ان وضعوا جهاز تنصت في باقة ورد ارسلت الى بيته.



قام الامريكان بمداهمة المكان بعد ان تم التأكد ان ابو عمر ومساعدة ابو ايوب المصري حاضرين في بيت يبعد 6 اميال عن جنوب غرب تكريت، وفجر الشخصين نفسهم ليتجنبوا السجن.



ووجد الامريكان رسائل الى ابن لادن وايمن الظواهري في الكمبيوتر في ذلك البيت، كان منزل ابو عمر شبيها بمنزل ابن لادن في باكستان حيث لا يوجد انترت او خط للهاتف. كل الرسائل تتناقل عن طريق ثلاثة رجال، أحدهم هو ابو بكر البغدادي.



"كان ابو بكر المراسل لأبو عمر"، قال ابو احمد: «لقد أصبح المساعد المقرب له، قام ابو بكر بكتابه أكثر الرسائل المرسلة الى ابن لادن، أصبح ابو بكر القائد بعد ان قتل ابو عمر، حيث ان الوقت الذي قضيناه في بوكا كان في غاية الأهمية".



اعتبرت داعش مقتل ابو عمر البغدادي وابو ايمن المصري نكبة كبيرة ولكن سرعان ما احتل المنصبين من قبل خريجي بوكا وقام المنسقون بعملية التحضير لهذه اللحظة وذلك خلف جدران السجن جنوب بغداد. «لقد كانت مدرسة ادراية ولم يكن هنالك اي بطالة لان الجميع لديهم معلمين جيدين في السجن".



اضاف ابو احمد: «لم يكن من الصعب ان ننقل خبراتنا الى معركة مختلفة، ان العراقيين يحتلون المناصب المهمة في الجيش وفي مجلس الشورى في داعش الان وذلك بسبب تحضيراتهم لسنوات عديدة، لقد استخففت دور البغدادي كما استخف الامريكان به".



ولقد بقي ابو احمد عنصرا في داعش وهو عنصر فعال في العمليات العسكرية في العراق وسوريا، ولقد بين لي من خلال اللقاءات المتعددة انه باق في هذا التنظيم قسرا ولكنه يخشى المغامرة بتركهم.



قال ابو احمد ان هنالك العديد من الرجال مثله الذين انخرطوا للجهاد ضد الاحتلال الامريكي ولكنهم لا يومنون بان المظاهر الاخيرة في هذه الحرب الطويلة تبقى تمثل نفس النهج.



قال ابو احمد: "انها أكبر غلطة في حياتي أنى انضممت إليهم، الا ان ترك التنظيم يعني الموت الموكد له ولجميع افراد عائلته، حيث ان البقاء في التنظيم وفرض نظرتهم الوحشية لا يزعج ابو احمد الذي يرى ان هناك خيارات قليلة له"./انتهى

المصدر: روافدنيوز/ متابعة

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS