طوفان الأقصى.. لماذا يمثل إغلاق معبر رفح كارثة لمصر وغزة المحاصرة معاً؟

تاريخ النشر : 2023-10-11 11:19:36 أخر تحديث : 2024-04-29 05:09:54

طوفان الأقصى.. لماذا يمثل إغلاق معبر رفح كارثة لمصر وغزة المحاصرة معاً؟

"قصف إسرائيلي استهدف معبر رفح مرتين وتهديد لمصر بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات تحاول الدخول إلى غزة عبره، بل ودعوة أهل غزة للرحيل لمصر"، يبدو أن الغضب الإسرائيلي من عملية طوفان الأقصى وصل لإمكانية توريط المنطقة في حرب إقليمية.


وأفادت تقارير بأن شاحنات مصرية محملة بالمواد الغذائية كانت متوجهة نحو غزة عادت أدراجها بعد قصف الجيش الإسرائيلي معبر رفح.



ويربط معبر رفح البري قطاع غزة ب‍مصر، حيث يتم فتحه لمدة 5 أيام أسبوعياً مع قدرة استيعابية محدودة، وهو المعبر الوحيد غير الخاضع ل‍إسرائيل الذي يربط قطاع غزة المحاصر بالعالم، في ظل إغلاق إسرائيل لبقية المعابر، وهو يستخدم لإجلاء الحالات الإنسانية بالأساس.



إسرائيل تقصف للمرة الثانية المعبر المخصص للحالات الإنسانية بعد إصلاحه أول مرة

وأمس الثلاثاء، أعاد جيش الاحتلال قصف معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وذلك للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة، بعد إصلاح الأضرار التي لحقت به من قصف الإثنين، مما أدى لتعطل المعبر ومنع مغادرة ووصول المسافرين، حسب وزارة الداخلية والأمن الوطني ب‍قطاع غزة، وأفاد مراسل وكالة الأناضول نقلاً عن شهود عيان بأن اثنين من موظفي المعبر أصيبا جراء القصف.



وأفادت تقارير بأن المعبر عاد ليعمل بشكل طبيعي في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء في مؤشر على أن القاهرة تحاول تخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع.



كما أنه عقب القصف الذي وقع أمس وجهت القاهرة عدداً من سيارات الإسعاف إلى المعبر ضمن استعدادات مصرية متواصلة لموجة نزوح فلسطيني محتملة وسط تصعيد إسرائيلي غير مسبوق ضد القطاع وتهديد بالغزو البري.



ولكن تل أبيب تحدت القاهرة التي يربطها بها أول اتفاق سلام مع دولة عربية، وعادت لقصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية لمعبر رفح، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية بالقاعة الداخلية بالجانب الفلسطيني، وفقاً لشهود عيان.



وقالت وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة على لسان إياد البزم، الثلاثاء، إن إدارة معبر رفح البري في الجانب المصري أبلغت الطواقم في الجانب الفلسطيني بضرورة إخلاء المعبر لوجود تهديدات إسرائيلية بقصفه فوراً.



وقُبيل القصف، استقبل المعبر العديد من الحالات الإنسانية القادمة من غزة، فيما كان مصدر حكومي مسؤول في القاهرة قال لموقع "مدى مصر" السبت الماضي إن المعبر أغلق أمام المسافرين وبات يعمل لمرور الحالات الإنسانية فقط.



إليك أهمية معبر رفح، وكيف يدار، ولماذا يثير خلافات بين السلطة وحماس ومصر؟

تحيط ب‍قطاع غزة سبعة معابر لا يدخل القطاع ولا يخرج منه شيء دون المرور بأحدها، وتخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال هو معبر رفح، المخصص في الأصل لانتقال الأفراد بالأساس.



ويقع معبر رفح تحت إشراف مصر والسلطة الفلسطينية برقابة أوروبية، ولكن الرقابة الأوروبية انتهت بعد سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، بسبب غياب قوات السلطة الفلسطينية، ورفض الأوروبيين التعامل مع الموظفين المحسوبين على حماس.



واستخدم معبر رفح وفقاً لاتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، لعبور كل فلسطيني يحمل هوية فلسطينية، ويستخدم المعبر لتصدير البضائع الفلسطينية، خاصة المنتجات الزراعية رغم اعتراض إسرائيل.



وعند توقيع الاتفاق الخاص بهذا المعبر، اشترطت إسرائيل على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل من يريد استخدام معبر رفح قبل 48 ساعة، لتقرر إذا كانت ستسمح له بالعبور أو تمنعه. وكثيراً ما فرضت إسرائيل إغلاق معبر رفح متذرعة ببند في اتفاقية المعابر لا يسمح بفتح المعبر إلا بوجود البعثة الأوروبية.



في الأوقات العادية تطالب السلطة بألا يدار معبر رفح إلا تحت إشرافها ودون مشاركة من حكومة حماس، وتطبيق الاتفاق بوجود المراقبين الأوروبيين، لأن السلطة تعتبر أن غزة ما زالت محتلة من قبل إسرائيل.



من جانبها، تعتبر القاهرة في أغلب الأوقات أن المعبر في ظل غياب وجود السلطة والرقابة الأوروبية لا يتوافر فيه الشروط الواردة في الاتفاق بشأن المعبر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأوروبيين ومصر، وبالتالي، كثيراً ما اعتبرت نفسها في حل من تشغيله بشكل طبيعي، ولذا تعددت على مدار السنوات الماضية عمليات فتح وإغلاق المعبر، وفقاً لمسار العلاقات بين مصر وحماس، وكان ينظر له كوسيلة ضغط في يد القاهرة على حماس، ولكن مصر كانت عادة تفتح المعبر للحالات الإنسانية أثناء الحروب بين إسرائيل وغزة، بما في ذلك دخول المساعدات الإنسانية.



وتطالب حماس بفتح معبر رفح دون قيد أو شرط، وتجعل ذلك أحد شروطها للتهدئة مع إسرائيل أو الدخول في مصالحة مع السلطة، وكثيراً ما تطالب مصر بتحمل مسؤولياتها في هذا الشأن من خلال فتح المعبر بغض النظر عن مواقف السلطة الفلسطينية وإسرائيل.



وسبق أن طالبت حماس بأن يتحول المعبر لإدارة فلسطينية مصرية خالصة تديره بمشاركة السلطة الفلسطينية مع مصر دون وجود للمراقبين الأوروبيين أو الطرف الإسرائيلي.



وإضافة لمعبر رفح، ادت المفاوضات الرامية لتخفيف الحصار على غزة خلال السنوات الماضية، لفتح معبر حدودي تجاري يعرف باسم بـ "بوابة صلاح الدين" بين غزة ومصر.



إسرائيل تخترق أقدس الخطوط الحمر المصرية.. سيناء

ورغم أن العلاقات المصرية الإسرائيلية في أفضل حالاتها منذ توقيع اتفاق السلام بين البلدين في نهاية السبيعنيات اخترقت تل أبيب خطوط القاهرة الحمراء، ليس فقط بقصف معبر رفح، بل وصل الأمر للتهديد بقصف أي شاحنة تمر من مصر ل‍قطاع غزة المحاصر، حسبما ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية.



أما أخطر الخطوط الحمر التي اخترقتها تل أبيب فصدر عن اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، كبير المتحدثين العسكريين للإعلام الأجنبي، الذي نصح الفلسطينيين الفارين من الضربات على غزة بالتوجه إلى مصر، قبل أن يتراجع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي، اليوم الثلاثاء، قائلاً إنه لا توجد أي دعوة إسرائيلية رسمية لتوجيه سكان قطاع غزة نحو الأراضي المصرية.



وتمس الدعوات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتراً شديد الحساسية ل‍مصر على المستويين الرسمي والشعبي، في ظل الهاجس من فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء ذات الكثافة القليلة السكان مقابل قطاع غزة المكتظ، ورغم نفي القوى الفلسطينية المختلفة بشدة قبولها لهذه الفكرة مراراً، إلا أنها تمثل هاجساً كبيراً لدى الشعب المصري وكانت تستغل أحياناً لتبرير إغلاق المعابر وهو ما اعتبرته منظمات دولية من قبل مشاركة مصرية في الحصار على غزة.



والإثنين حذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى من دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية، وتغذية بعض الأطراف لدعوات بالنزوح الجماعي.



ونقلت قناة القاهرة الإخبارية المصرية عن المصادر أن "مصر لم تتوانَ منذ تفاقم الأوضاع في الأراضي المحتلة وكثفت اتصالاتها بكافة الأطراف الفاعلة للمجتمع الدولي لوقف التصعيد وحقن دماء الشعب الفلسطيني".



ووفق وكالة أنباء العالم العربي، أكدت المصادر أن "السيادة المصرية ليست مستباحة، وسلطة الاحتلال مسؤولة عن إيجاد ممرات إنسانية لشعب غزة". وحذرت المصادر من أن دعوات النزوح كفيلة بتفريغ قطاع غزة من سكانه "وتصفية القضية الفلسطينية نفسها".



ولكن إسرائيل ضربت عرض الحائط بهذه التحذيرات عبر دعوتها لفلسطينيي غزة للرحيل ل‍مصر، قبل أن تتراجع جزئياً، في مؤشر على أن اتصالات بين الجانبين جرت بشأن هذا الملف الحساس، أو دور للوسيط الأمريكي الضامن لاتفاق السلام بين البلدين.



تريد تجويع غزة وترك المصابين يموتون بجراحهم.. فهل لديها ضوء أخضر أمريكي؟

غير أنه من الواضح أن تل أبيب فيما يتعلق بمسألة المساعدات الإنسانية، مصرة على الضغط على القاهرة للامتناع عن إغاثة القطاع الذي يعاني من قطع كامل للكهرباء والمياه إضافة إلى خطر نفاد المواد الغذائية والأخطر الحاجة الماسة للأدوية لعلاج الأعداد الهائلة للمصابين مما قد يؤدي لارتفاع مفزع في حالات الوفاة.



يظهر الموقف الإسرائيلي العنيف أنها تريد فرض حصار شامل على القطاع قد يؤدي لوقوع مجاعة مروعة، إضافة إلى الخسائر الناجمة عن القصف الجوي الوحشي.



ولا يمكن ل‍إسرائيل اتخاذ هذه القرارات الوحشية بما في ذلك توجيه تهديدات ل‍مصر، في الأغلب دون ضوء أخضر أمريكي.



وقد يكون لديها خطة لتهجير الفلسطينيين ل‍سيناء

وحذر مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية من مؤامرة تحيكها حكومة مجرم الحرب نتنياهو لتنفيذ تطهير عرقي ل‍قطاع غزة.



وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال أمس الإثنين في لقاء مع مسؤولين محليين: "سوف نغير وجه الشرق الأوسط"، بعد الهجوم الذي نفذته فصائل فلسطينية على بلدات ومستوطنات بجنوب إسرائيل.



وتوقع مصدر أمني مصري كبير في تصريح لـ"وكالة أنباء العالم العربي"، نزوح عدد كبير من الفلسطينيين إلى مناطق رفح والشيخ زويد والعريش في شمال سيناء ب‍مصر.



وقال مصدر حكومي مصري مطلع لموقع "مدى مصر" إن مصر قامت بتشديد الإجراءات الأمنية في منطقة قناة السويس، وإن المنشآت الطبية رفعت حالة التأهب.



مصر ترسل سيارات إسعاف وتنصب خياماً

وأوضح مصدر آخر يعمل ب‍هيئة الإسعاف في شمال سيناء أن سيارات الإسعاف تلقت تعليمات ببدء التوجه إلى معبر، كما دُفع بعشر سيارات إسعاف إلى الصالة المصرية بالمعبر، فيما تتمركز 20 سيارة أخرى في نقطة "الريسة" شرق العريش جاهزة للتدخل في أي لحظة، بحسب مصدر مسؤول في ديوان عام محافظة شمال سيناء.



وتستعد محافظة شمال سيناء لأي احتمالات بنزوح عدد كبير من فلسطينيي غزة، بحسب مصادر تحدثت إلى "مدى مصر" في بداية الحرب، بعدة إجراءات تتضمن نصب خيام في مدينتي الشيخ زويد ورفح مع حصر المباني الحكومية من مدارس ومقرات يمكن استخدامها كمراكز إيواء، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، على أن تقوم القوات المسلحة بفرض كردونات أمنية حول الخيام لمنع التسلل.



الفلسطينيون والقاهرة بين سيناريوهين مريرين

وتبدو القاهرة والجهات الفلسطينية المعنية في مأزق أمام هذا التصرف الإسرائيلي، ففتح القاهرة للمعبر قد يعرض حياة الموظفين للخطر، وإصابة أي سيارة أو موظف أو مسافر داخل الحدود المصرية يمثل إحراجاً كبيراً ل‍مصر أكبر دولة عربية، وفي الوقت ذاته ترك الفلسطينيين في هذه الكارثة دون دعم يمثل إحراجاً للقاهرة أيضاً.



والأخطر أن الجمع بين تأثير القصف وبين نقص الإمدادات الغذائية قد يسبب مجاعة في غزة، قد تؤدي لفورة هروب غير مسيطر عليها، وسماح القاهرة لدخول الفلسطينيين الهاربين.



ورغم أنه في الأزمات المماثلة أمر يعد مرغوباً، ولكن التاريخ علم سكان المنطقة بمن فيهم الفلسطينيون والمصريون والسوريون أن القوى المعتدية تعمد إلى تخويف السكان وتهجيرهم، لكي يكون ذهاباً بلا عودة ويؤدي لتغيير ديموغرافي مثلما فعلت إسرائيل في حرب 1948 أو نظام الأسد في سوريا وحلفائه الروس والإيرانيين وميليشياتهم.



إسرائيل تحاول حصر سكان غزة بين الموت حرقاً أو جوعاً أو بين الرحيل

وكأن سكان غزة مخيرون بين الموت بالنيران أو جوعاً وبين التهجير وفقدان موطنهم للمرة الثانية، وهو ما سترفضه الفصائل الفلسطينية المقاومة مهما كان الثمن.



الأخطر في كل ما يحدث أنه يبدو بضوء أخطر أمريكي وأوروبي جزئي على الأقل، ويبدو أن تغيير شكل الشرق الأوسط المستهدف سيكون مثل المرات السابقة بتواطؤ وتخطيط غربي.



ولكن المختلف هذه المرة أن الشعب الفلسطيني في غزة يعلم الفخ الذي ينصب له، وفصائل المقاومة ما زالت لديها أدوات للرد والتصدي للعدوان، والمعركة ما زالت طويلة، والفوز فيها ليس للأقوى، بل من يصبر على الألم، ولا يصرخ أولاً.



لا دولة عربية ستنجو من مخططات إسرائيل

ولكن يثبت ما يحدث وفي مقدمته المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين ل‍سيناء أنه لا أحد من العرب بمأمن من عدوانية إسرائيل، حتى مصر أكبر دولة عربية وأقواها، التي فتحت باتفاقية السلام التي عقدتها في نهاية السبعينات باب التطبيع وأنهت خطر تشكيل جبهة عربية مشتركة ضد إسرائيل.



ورغم بلوغ العلاقات بين الجانبين مستوى غير مسبوق، وأهمية دور مصر بالنسبة لدول الخليج التي تطمع تل أبيب في التطبيع معها، ولكن إسرائيل ما زالت تستهدف سيناء بمؤامراتها، ولذا سيبقى الحليف الطبيعي ل‍مصر هو الشعب الفلسطيني ومقاومته، لأنه بقدر حرص القاهرة على سيادتها بقدر حرص هذه المقاومة على الثبات على الأرض، وعدم تكرار خطأ النكبة./انتهى

المصدر: روافدنيوز/ متابعة

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS