قادة الكتل المعارضين لتشريع قانون الاحزاب قدموا خدمتهم التأريخية للمالكي ورفع اسهمه في تولي رئاسة الحكومة

تاريخ النشر : 2014-06-19 11:32:44 أخر تحديث : 2024-09-19 04:03:09

قادة الكتل المعارضين لتشريع قانون الاحزاب قدموا خدمتهم التأريخية للمالكي ورفع اسهمه في تولي رئاسة الحكومة

بغداد/ روافدنيوز/ حمزة الخيلاني


لم يتمكن مجلس النواب العراقي الذي انتهت مدته القانونية في 15/6/2014 والذي سيحل محله مجلس جديد ان يشرع قانون ينظم عمل الاحزاب، بل ان اغلب الاحزاب المتمثلة بكتلها في المجلس رفضت اقرار القانون، لاسيما مع تخوف قادة الاحزاب من تعرض اعضاء احزابهم للبيع والشراء بين الاحزاب بعد ظهور نتائج الانتخابات في الـ19 من نيسان/ ابريل الماضي، التي اظهرت فوز ائتلاف دولة القانون بـ 95 مقعدا، شهدت اغلب الاحزاب انشقاقات في اعضائها، فكان التيار الصدري الذي حصل على 34 مقعداً اولى الاحزاب التي شهدت تصريحات مناوئة من بعض نوابها الفائزون بعدم ممانعتهم بتولي المالكي ولاية ثالثة واجروا مفاوضات سرية كشف عنها فيما بعد اكدت وقوفهم الى جانبه مقابل دعمهم بقائه في السلطة، رغم ان التيار الصدري بقيادته المتمثلة بزعيمهم مقتدى الصدر يصفون المالكي بالدكتاتور ويرفضون توليه الحكومة من جديد.


وشارك بعض نواب التيار الصدري المناصرين للمالكي عددا من النواب داخل ائتلاف "متحدون" الذي يتزعمه أسامة النجيفي، وأعلنوا بأنهم لا يمانعون بقاء المالكي في الحكم وهو ضد الهدف الذي تسعى إليه قيادات متحدون، والتحقت بهم بعض المكونات السياسية كالحزب الإسلامي العراقي بامينها اياد السامرائي، وحركة الحل بزعيمها جمال الكربولي، والعربية برئيسها صالح المطلك، وهو ما يعتبر أول انشقاق رسمي لكتلة سياسية بعد الانتخابات فيما لو حصل فعلاً أثناء التصويت داخل البرلمان على اختيار رئيس الحكومة المقبل. من ذلك يبدو واضحا اهمية غياب قانون ينظم الأحزاب في الحياة السياسية في العراق بعد 2003 وما تسبب به من أزمة ثقة بين قادة الأحزاب ونوابهم في البرلمان ووزرائهم في الحكومة والخوف من الانشقاق عنهم في أي لحظة متى ما حصلوا على أموال أو منصب سياسي، ولا يخفى على المجتمع العراقي والعربي والعالمي ما جرى في الانتخابات المحلية في محافظة الناصرية التي جرت في آذار (مارس) عام 2013، انشق النائب حسن صالح عن التيار الصدري وانضم الى المالكي ما رجح كفة المالكي بالفوز في منصب المحافظ بفارق مقعد واحد، وحصل حسن صالح على منصب نائب المحافظ.


ولكن ما الذي يجعل النواب الجدد يتقلبون في مواقفهم، ويخالفون آراء أحزابهم التي ساعدتهم بالمشاركة في الانتخابات والفوز فيها؟، حيث يقول المراقبون إن غياب قانون ينظم عمل وبرامج ومبادئ الأحزاب السياسية في العراق وراء ظاهرة الانشقاقات وخيانة الأحزاب والكتل من قبل أعضائها لأجل الحصول على أموال أو مناصب. وعدم وجود قانون للأحزاب في البلاد وراء حالات الانشقاقات المستمرة لأعضاء الأحزاب والكتل، كما إن غياب النظم الداخلية المهنية للأحزاب تجعل الأعضاء غير ملزمين باحترام أحزابهم. الأمر الآخر هو إن تمويل الأحزاب العراقية لا يعتمد على الجماهير ليضطر السياسيون إلى احترام مطالب الشعب كما هو معمول به في الدول الديموقراطية، وإنما يعتمد على خزينة الدولة أو من الجهات الخارجية ما يجعل عضو الحزب بعيد عن مطالب الجماهير.


المفارقة هنا ان العديد من النواب والسياسيين الذين كانوا مجرد سياسيين حديثي العمل بالسياسية أصبحوا بعد سنوات قليلة قادة لأحزاب كبيرة ويتحكمون بالعشرات من النواب، مثل أسامة النجيفي رئيس البرلمان الحالي وزعيم ائتلاف "متحدون" السني بعد إن كان قبل أربع سنوات مجرد نائب مع ائتلاف "العراقية" بزعامة إياد علاوي. خلال السنوات العشر الماضية شهدت الأحزاب والكتل السياسية العشرات من الانشقاقات بين أعضائها بينها حزب "الدعوة الإسلامية" الذي يتزعمه الآن رئيس الوزراء نوري المالكي، انقسم غير مرة وهناك الآن حزب الدعوة "تنظيم العراق" و"الدعوة تنظيم الداخل" و"تيار الإصلاح الوطني" بزعامة الأمين العام السابق للحزب إبراهيم الجعفري. كما أن ائتلاف "العراقية" الذي فاز في الانتخابات بالمرتبة الأولى برصيد 91 مقعد شهد انشقاق القائمة "العراقية البيضاء" التي تحولت فيما بعد إلى "البيضاء" والحرة "متحدون" وحركة "الحل".


الأحزاب الكردية المتصدعة تنظيمياً عانت هي الأخرى من الانشقاقات، فالاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني سبق وانشقت عنه حركة "التغيير"، فضلاً عن انشقاقات أخرى تحت السطح لدى شريكه الحزب الديمقراطي الكردستاني بسبب نزاعات عائلية سياسية، بين ابن رئيس ألإقليم مسرور بارزاني وابن عمه نيجرفان رئيس حكومة اقلاليم. وشملت الانشقاقات التيارات والتكتلات السياسية غير الحزبية كالتيار الصدري ومنه خرج حزب "الفضيلة"، و"عصائب أهل الحق"، "وكتائب حزب الله". اما المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، تعرض أيضا للانشقاق إذ انسحبت منظمة "بدر" بزعامة هادي العامري التي كانت تعتبر الجناح العسكري للمجلس الأعلى منه وقررت الانضمام إلى صف المالكي.


الأساس القانوني لتشكيل الأحزاب والكيانات السياسية لا يزال يعتمد على الأمر رقم 97 الذي أصدره الحاكم المدني الأميركي بول بريمر 2004، ويعترف جميع السياسيون العراقيون بقصوره كونه يتيح تشكيل حزب بمجرد توقيع أقل من (500) شخص على عريضة بتشكيله من دون ضوابط تفصيلية كمسألة مصادر التمويل مثلا، وامتلاك الحزب لنظام داخلي وانتخابات دورية. ويسعى العراق منذ سبع سنوات إلى تشريع قانون ينظم عمل الأحزاب وتم تقديم مسودات أولية كثيرة إلا أن القانون لم يشرَّع حتى اليوم. الدستور الدائم الذي اقر في العام 2005 يوجب في الفقرة الأولى من المادة 39 "تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، وتكفل هذه المادة حق الانضمام إليها، ويتم تنظيم ذلك بقانون".


ولكن عشرات الأحزاب العراقية التي تمارس العمل السياسي في البلاد منذ العام 2003 لم تخضع حتى اليوم لأي قانون ينظم عملها ويحدد مصادر تمويلها، وهو ما يعتبر نقطة سلبية على النظام السياسي في العراق بعد سقوط نظام الحزب الواحد الذي تزعمه صدام حسين. المسودة الموجودة في رفوف البرلمان لمشروع قانون الأحزاب تتضمن (69) مادة، ناقشها البرلمان آخر مره في أيلول (سبتمبر) عام 2010 لمرة واحدة وقرر تأجيلها إلى إشعار آخر، وهي تتضمن العديد من النصوص التي تتعارض وعمل الأحزاب التي تحكم البلاد. وتشير المادة (27) الى ضرورة كشف مصادر تمويل الحزب وعدم الارتباط المالي مع جهات خارجية غير عراقية ومنع استخدام دور العبادة أو المؤسسات التعليمية لممارسة النشاط الحزبي.


المادتين (30) و (32) تؤكدان على ضرورة امتلاك كل حزب لنظام أساسي يتضمن القواعد المتعلقة بشؤونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية وكيفية إجراء الانتخابات الداخلية واختيار الكوادر الحزبية وآليات الانضمام إليها والاستقالة منها. وتوجب المادة (41) أن تكون مصادر تمويل الأحزاب من خلال اشتراكات أعضائه والتبرعات والمنح الداخلية وعوائد استثمار أمواله في المجالات التي لا تعد أعمالاً تجارية وعوائد صحافته ومطبوعاته ونشاطاته الأخرى والإعانات المالية من الموازنة العامة للدولة بموجب قانون الموازنة السنوية. ولكن المشكلة إن هذه الشروط لا تنطبق على أي من الأحزاب والكتل السياسية في العراق، كما إن هناك صعوبة في تطبيقها حالياً. وأكثر النقاط الخلافية المسكوت عنها هي عدم إجازة القانون تأسيس الحزب على أساس طائفي، إذ إن غالبية الأحزاب الموجودة تضم طائفة واحدة كالحزب الإسلامي وحزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي والحزب الفضيلة.iraq-parliament-law-650_416

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS