مخاوف من أزمة دستورية بأميركا.. أبعاد الأزمة واحتمالات العلاج

تاريخ النشر : 2020-11-03 10:53:18 أخر تحديث : 2024-10-22 03:10:24

مخاوف من أزمة دستورية بأميركا.. أبعاد الأزمة واحتمالات العلاج

نقل موقع أكسيوس مؤخرا عن مصادر مطلعة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ مقربين منه عزمه إعلان فوزه المبكر مساء الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني في حال توفر مؤشرات على تقدمه أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، مما ضاعف احتمالات تعرض الانتخابات لأزمة دستورية غير مسبوقة.


ويتناقض ذلك مع ما ألفه الشعب الأميركي من ظاهرة الترقب أمام الشاشات، انتظارا لخبر تلقي المرشح الفائز مكالمة هاتفية من المرشح الخاسر، يهنئه فيها بالانتصار، ويتمنى له ولأميركا كل الخير والتقدم.


وللمرة الأولى، يشكك رئيس أميركي في نتائج انتخابات مستقبلية، وهو ما يشيع مخاوف من تقويض الديمقراطية الأميركية، والتسبب في أزمة ثقة في نظامها وقواعدها الدستورية.


وتستعرض الجزيرة نت المخاوف المتصاعدة من أزمة دستورية كبيرة، وكيف يمكن الخروج منها أو تجنبها.


ما سبب المخاوف المتزايدة من وقوع أزمة دستورية؟

شكك ترامب مرارا في شرعية وقانونية الانتخابات لاعتمادها على التصويت المبكر والتصويت عن طريق البريد بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا.


وتمثل مطالب ترامب بالإعلان عن نتيجة الانتخابات بعد انتهاء التصويت تحديا كبيرا، خاصة مع إدراكه استحالة تحقيق ذلك بسبب عدم استكمال عد وفرز بطاقات الاقتراع البريدي.


ومنح رفض ترامب التعهد بالاعتراف بالهزيمة وقبوله أي نتيجة محتملة لانتخابات اليوم فرصا أكبر لوقوع أزمة.


هل عرفت أميركا أزمات تتعلق بالانتخابات من قبل؟

نعم، عرفت أميركا مشكلات إجرائية فيما يتعلق بالانتخابات، حيث منع البعض من الوصول إلى صناديق الاقتراع، والتشكيك في شرعية النتائج، وطرح الطعون القانونية، وإجبار الناخبين على الوقوف في طوابير طويلة.


لكن لم يسبب أي منها أزمة بالمعني الحقيقي إلا في انتخابات 2000، عندما حسمت المحكمة الدستورية العليا نتيجة انتخابات ولاية فلوريدا، وأعادت فرز الأصوات؛ مما أدى إلى فوز المرشح الجمهوري جورج بوش الابن بالرئاسة.


ما موقف ترامب من الانتقال السلمي للسلطة؟

ردا على سؤال من المذيع كريس والاس إذا كان مستعدا لقبول الهزيمة في حال خسارته، قال ترامب "سنرى ما يمكن فعله في هذه اللحظة، لا أستطيع أن أجزم لك الآن بالرد". واعترف بأنه لا يحب الهزيمة، وقال "لست خاسرا جيدا، لا أحب تكبد الهزائم، لا أخسر كثيرا ولا أحب أن أخسر"، مؤكدا أنه لن يقبل النتائج مقدما.


ماذا عن رد فعل جو بايدن على موقف ترامب؟

سارع بايدن إلى التعليق على تصريحات ترامب قائلا "في أي بلد نعيش؟"، مضيفا "هو يقول أكثر الأمور غير العقلانية. لا أعرف ما أقول".


وسبق أن حذر بايدن من احتمال قيام ترامب بسرقة الانتخابات الرئاسية، وأضاف أن معارضة ترامب للتصويت عن طريق البريد وسط تفشي فيروس كورونا هي جزء من جهوده الرامية إلى حرمان المواطنين من حق التصويت.


ماذا عن دور الجيش إذا رفض أحد المرشحين قبول نتيجة الانتخابات؟

لن تكون هناك تبعات واسعة إذا رفض بايدن نتائج الانتخابات في حال هزيمته، ويختلف الأمر في حالة ترامب، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة حتى منتصف يوم 20 من يناير/كانون الثاني القادم.


ولم يرحب مؤسسو الدولة الأميركية بأي دور يسمح لتدخل الجيش في الحياة السياسية، وحدّ الدستور من أي احتمال لسيطرة ضباط عسكريين غير منتخبين على الحكم.


من ناحية أخرى، يثق الأميركيون في أن جيشهم لا تحركه الأهواء السياسية الداخلية أو الحزبية.


وحدد القانون الرجوع للمحاكم الأميركية وصولا للمحكمة الدستورية العليا لحل أي خلاف حول هوية المرشح الفائز، في حال وقوع أزمة في عدّ أو فرز الأصوات أو عدم اعتراف مرشح بالهزيمة.


ولم يعطِ الدستور أي دور للجيش في عملية الانتقال السياسي، بل حدد الدستور وزير دفاع بضرورة أن يكون شخصا مدنيا، كما جرد الدستور رئيس الأركان من أي سلطات سياسية، وجعل المنصب ضعيفا يستطيع معه الرئيس أن يقيله بتغريدة أو مكالمة هاتفية.


ما موقف الدستور من رفض الرئيس ترك منصبه؟

يتطرق الدستور إلى كيفية التعامل مع رئيس يرفض ترك منصبه من خلال التعديل 20 بالدستور، الذي نص على أن "تنتهي فترة ولاية الرئيس ونائب الرئيس ظهرا في 20 يناير/كانون الثاني".


وتملي التعليمات الواضحة في القانون الأميركي الخط البديل، فإذا لم ينتخب رئيس جديد، تذهب السلطة لرئيس مجلس النواب بصورة مؤقتة حتى تجرى انتخابات جديدة.


ماذا لو كانت هناك أزمة في فرز وعدّ الأصوات لم تعرف معها هوية المرشح الفائز؟

هذا سيناريو وارد مع تشكيك بعض المعلقين في كفاءة هيئة البريد الأميركية للتعامل مع ملايين بطاقات الاقتراع في فترة زمنية قصيرة.


وحال وقوع هذا السيناريو تنتهي فترة رئاسة ترامب منتصف يوم 20 من يناير/كانون الثاني المقبل، وتتبوأ نانسي بيلوسي بصفتها رئيسة لمجلس النواب الرئاسة الأميركية مؤقتا حتى الاتفاق على إجراء انتخابات جديدة.


ما الحل في حال حدوث تصادم بين حاكم وبرلمان الولاية حول التصديق النهائي على نتيجة الانتخاب وتحديد الهيئة الانتخابية للولاية؟

يمكن أن يصل الأمر للمحكمة العليا الفدرالية بالولاية، وأن ترفع القضية للمحكمة العليا، وقد ينتهي الأمر أمام الكونغرس.


ويبقى أمام المحكمة العليا بدائل عدة، منها:


أولا: يمكن لها أن تستبعد أصوات بعض الولايات على أساس أن نتائجها غير واضحة إلى حد التصديق عليها قبل الموعد النهائي القانوني في 14 ديسمبر/كانون الأول عندما يتعين على الهيئة الانتخابية أن تجتمع، وبالتالي طرح الانتخابات بأكملها على مجلس النواب من أجل اتخاذ قرار، على النحو المبين في التعديل 12 للدستور.


ثانيا: قد تشير المحكمة العليا إلى قانون عد وفرز الانتخابات لعام 1887، الذي ينص على أن مجلسي النواب والشيوخ سيقرران معا الناخبين في الهيئة الانتخابية الذين سيتم الاعتراف بهم، وبالتالي يتطلب من الكونغرس أن يقرر أي قائمة من قوائم الهيئات الانتخابية في كل من الولايات المتنازع عليها سيصادق عليها.


ما دور محاكم الولايات في حسم أي نزاع حول نتائج الانتخابات؟

تلعب عملية فرز الأصوات البطيئة والطويلة دوراً في زرع الشكوك حول النتائج والادعاء بتزوير الانتخابات حال خسارة أي طرف.


ويعقد الأمر وجود مجالس نيابية محلية في عدد من الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، يُسيطر عليها حلفاء ترامب من الجمهوريين، في الوقت الذي يسيطر فيه الديمقراطيون على مناصب حكام الولايات الثلاث.


ويجب أن يصدق حاكم الولاية على نتائج الانتخابات داخل ولايته بعد اعتمادها من قبل الهيئة الانتخابية، وقبل إرسالها للكونغرس.


وهناك مخاوف حال وجود خلافات حول تسمية أعضاء الهيئة الانتخابية بحيث لا تعكس المرشح الفائز بانتخابات الولاية، أي أن يرفض برلمان الولاية الاعتراف بنتائجها عن طريق تسمية هيئة انتخابية مغايرة، وهو ما سيدفع إلى تصادم مع حاكم الولاية ويرفع الأمر للمحكمة العليا بالولاية.


ما دور الكونغرس في هذه الحالة؟

إذا حدث ذلك وأعادت المحاكم قضايا الانتخابات للكونغرس باعتبارها أزمة سياسية، سيتعين على الكونغرس الجديد الذي تم انتخابه اليوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني أيضا تحديد هوية الهيئة الانتخابية التي يقبلها يوم 6 يناير/كانون الثاني.


وإذا كان الديمقراطيون يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ في 6 يناير/كانون الثاني المقبل فقد يكون ترامب في مأزق بالنسبة لأي ولاية متنازع عليها، فالكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون سيصدق بالتأكيد على الناخبين الذين وافق عليهم الحاكم الديمقراطي، وليس الهيئة التشريعية الجمهورية.


وحتى لو كانت السيطرة منقسمة بين مجلس النواب "الديمقراطي" ومجلس الشيوخ "الجمهوري"، سيتم الرجوع لقانون عام 1887 الذي يعطي مجلس النواب سلطة أكبر، وفي هذه الحالة سيتم التصديق على اللائحة المعتمدة من حاكم الولاية (ديمقراطي في تلك الولايات المتأرجحة).


وسيطعن الجمهوريون في المحاكم، مما يعني أن المحكمة العليا قد تحتاج نهاية المطاف إلى تحديد ما إذا كانت ستعيد النظر في النزاع أو إعادته إلى الكونغرس من أجل التوصل إلى حل سياسي.


وحتى لو حاولت المحكمة العليا الحكم، فمن غير المؤكد أن الطرف الخاسر سيقبل حكمه، كما فعل آل غور عام 2000، عندما تنازل عن الانتخابات في اليوم التالي لقرار المحكمة العليا بوقف إعادة فرز الأصوات في فلوريدا، ومنح الفوز لغريمه بوش الابن./انتهى


 

المصدر: الجزيرة.نت

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS