مهددون بالإعادة القسرية.. معاناة النازحين في بغداد

تاريخ النشر : 2020-10-26 13:26:41 أخر تحديث : 2024-10-23 04:28:17

مهددون بالإعادة القسرية.. معاناة النازحين في بغداد

أطفال في مخيمات النزوح (روافدنيوز)

على الرغم من عودة الكثير من النازحين العراقيين من المخيمات إلى ديارهم التي هجروا منها إبان احتلال تنظيم داعش لمناطقهم منتصف حزيران/ يونيو 2014، غير أن العديد منهم مازالوا في المخيمات يعانون من الأمراض وضعف الرعاية الصحية، والتلويح بإعادتهم إلى ديارهم رغم ظروف الحياة الصعبة التي يعيشونها، وسط أزمة وباء كوفيد 19 في عموم العراق والعالم.


ويعاني من تبقى من النازحين في مخيمات النزوح في بغداد، من التلويح بإعادتهم إلى ديارهم التي هجروا منها، في نينوى والأنبار وصلاح الدين، على الرغم من أن منازلهم مهدمة أو بحاجة إلى إعمار، فضلا عن ذلك يعانون من الأمراض وقلة الرعاية الصحية والحصول على الأدوية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة.


روافد نيوز زارت إحدى مخيمات النزوح جنوب شرقي بغداد، واطلعت على معاناة عدد سكان المخيم الذين تحدثوا عن أهم مطالبهم وإحتياجاتهم وحقوقهم، لنقلها إلى المسؤولين، ومن أهمها المطالبة بعدم إجبارهم على العودة إلى ديارهم قبل أن تعمر منازلهم أو حصولهم على منحة مالية لإعمارها، فضلا عن توفير الأدوية والعلاجات اللازمة للمرضى، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة.


 


Image


 


ويطالب سكان المخيم بالاحتفاظ بالكرفان الخاص بكل عائلة، في حال طالبتهم وزارة الهجرة بالعودة إلى ديارهم، بالإضافة إلى مبلغ مالي لتعمير منازلهم التي تضررت بفعل الحرب، إبان عمليات تحريرها من داعش، وإمهالهم مدة شهر قبل إخلاء أو غلق المخيم.


 


Image


 


وبحسب وزارة الهجرة والمهجرين، فإن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أصدر توجيهاً بإغلاق خمسة مخيمات للنازحين في بغداد وديالى، مؤكدة شمول نحو خمسة آلاف عائلة بمنحة المليون ونصف المليون دينار.


وفي وقت سابق أكدت الوزارة إن توزيع منح النازحين مرهون بالتخصيصات المالية


وقاية وإصابات محدودة


ناجية جمعة، وهي سيدة أربعينية عادت إلى مخيم النازحين جنوب شرقي بغداد، بعد زيارة قصيرة إلى أقاربها في الموصل مركز محافظة نينوى شمال العراق، وعلى الرغم من فرحتها بهذه الزيارة، إلا أنها عادت مصابة بكوفيد19، وقد واجهت مصاعب في الكشف عن إصابتها، لولا شقيقها الأكبر الذي يسكن معها في نفس المخيم، إعتنى بها ورعاها، بعدما عرضها على المختبرات والأطباء خارج المخيم على نفقته الخاصة، قبل أن تتماثل للشفاء.


وتسكن جمعة مع شقيقها الأكبر في مخيم النهروان جنوب العاصمة بغداد، وهي تعاني أيضا من إرتفاع في ضغط الدم، ولم تنقل العدوى لأي شخص آخر، بسبب حجرها ورعايتها داخل المخيم.


 


Image


 


آلية التعامل مع المصابين أو المشتبه بهم


يقول منسق شؤون النازحين في المخيم جمال هاشم إن الأطباء في عيادة المخيم يقومون بأخذ (مسحة) من كل من يشتبه به مصابا بكوفيد 19، ومن تظهر عليه هذه الأعراض، ومن ثم ترسل المسحة إلى المختبرات المركزية في بغداد، ثم تصل النتيجة بعد ثلاث أو أربعة أيام، ليتم بعدها عزل المريض أو إرساله إلى المشافي المتخصصة، ولم يسجل المخيم حالة وفاة مطلقا، وقد سجل سبعة حالات حتى نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، بفعل الإجراءات الوقائية وإجراءات العزل المعتمدة داخل المخيم، وقد تماثلت جميع الحالات للشفاء.


وأوضح هاشم لروافد نيوز إن"الطبيب المقيم يتواجد بشكل شبه يومي، فضلا عن وجود معاون طبي وصيدلانية، وعيادة خاصة بطب الأسنان، وهناك كرفانات فارغة لعزل المصابين ورعايتهم، أما فيما يتعلق بالغذاء فهو متوفر من خلال وزارة الهجرة والمهجرين، ومن خلال المنظمات الدولية والمحلية".


 


Image


وبخصوص أدوية الأمراض المزمنة يؤكد هاشم أنها لم تصل إلى محتاجيها من النازحين على الرغم من تسجيل ذلك في سجلات وفود وزارة الصحة التي زارت المخيم مرات عدة، ووعدوا بتوفيرها دون جدوى، ما يضطر محتاجيها لشرائها من خارج المخيم على نفقتهم الخاصة.


نقص أدوية الأمراض المزمنة


وفضلا عن معاناة النازحين من إنتشار كوفيد19، يحصل غالبية النازحين على دواء الأمراض المزمنة من خارج المخيم من خلال شرائها على نفقتهم الخاصة، وعددهم (32) شخصا، بحسب الصيدلانية في مستوصف المخيم سارة صبري.


تقول صبري لروافد نيوز إن"أدوية الأمراض المزمنة تصل المخيم لكن ليس بإنتظام، حيث تعمل عيادة المخيم على توفير هذه الأدوية لكل من يحتاجها، مشيرة إلى وجود (32) شخصا بحاجة إلى هذه الأدوية من أصل نحو 300 نازح في المخيم.


 


Image


 


وعن كيفية التعامل مع من تظهر عليهم أعراض كوفيد 19، تقول صبري"نطلب مسحة، ثم إرسالها إلى المختبر المركزي، وننتظر النتيجة، وإذا كانت الإصابة موجبة، لدينا مركز للحجر، مخصص للمصابين، حيث لم يسجل المخيم منذ إنتشار الوباء في آذار/ مارس الماضي إلا سبعة حالات، جميعها تشافت.


فضلا عن ذلك تتوفر داخل المخيم عيادة لطب الأسنان، وهي تقدم الخدمات بشكل دائمي، تتوفر فيها طبيبة أسنان مقيمة، وأجهزة طبية متكاملة.


أطفال بحاجة إلى رعاية صحية خاصة


وتعاني الطفلة فاطمة خزعل (15) عاما، من الإصابة بسرطان مفصل القدم الأيسر، ومازالت تتعالج بالعلاج الكيمياوي خارج المخيم في مشفى مدينة الطب، حيث تتلقى العلاج، فضلا عن مراجعتها لمشفى أهلي في محافظة النجف، بغية إجراء الفحص الدوري، وهذا مايكلف ذويها مبالغ طائلة، تحت ظروفهم المادية الصعبة في المخيم.


يقول عم فاطمة (أبوخالد) لروافد نيوز أن"فاطمة خضعت لعملية جراحية في الهند على نفقة عائلتها، حيث تم تبديل مفصل الركبة، وقد كلفت العملية نحو أربعة ملايين دينار عراقي (أكثر من ثلاثة آلاف دولار)، ومازالت تعاني من مضاعفات وحاجة للعلاج الكيمياوي دوريا، فيما نراجع بها شهريا في مشفى أهلي بمحافظة النجف كون المشفى تخصصي، بغية الفحص والمتابعة، وهذا مكلف أيضا ماديا، على أمل أن تتولى السلطات الصحية علاجها".


ثلاثة أطفال آخرون وهم أحفاد النازح سليم عباس جاسم، مصابون بالعجز الكلوي، أحدهم تشافى بعد إجراء عملية زراعة كلية له، من خلال متبرع، غير أن العملية الجراحية كلفت نحو 12 مليون دينار في إحدى مشافي إقليم كردستان".


 


Image


 


ويقول جد الطفلين سليم عباس جاسم، وهما طه (13) عاما وشقيقته (12) عاما، انهما يعانيان من العجز الكلوي، وبحاجة إلى غسيل كلوي مرتين في الأسبوع كلما إرتفعت نسبة اليوريا لديهما، الأمر الذي يتطلب نقلهما أو أحدهما إلى مشفى الإمام علي في مدينة الصدر شرقي بغداد، وتحتاج عملية النقل إلى ساعة ونصف أو ساعتين للوصول إلى المشفى، كونها بعيدة عن المخيم، وتتطلب وقت أطول ومجهود أكبر، وكون المشفى يحتوي على جهاز غسل الكلى أو مايعرف بالكلى الصناعية، وهذه واحدة من المعاناة شبه اليومية لهذه العائلة.


 


تعهدات بتوفير الدواء


وتعهد وكيل وزارة الصحة ومدير العيادات الطبية الشعبية الدكتور حازم الجميلي، بإيصال أدوية الأمراض المزمنة إلى مخيم النهروان، خلال حديثه لروافد نيوز، مشيرا إلى أنه سيتابع أسباب عدم إيصال الأدوية إلى مستحقيها في المخيم.


فيما أكد مدير الصحة العامة في دائرة صحة بغداد/ الرصافة الدكتور بشار عبد اللطيف عدم تأثير أو تعارض كوفيد19، على توفير أدوية الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن تجهيز الأدوية في مخيمات النازحين ضمن خطط دائرة العيادات الطبية الشعبية، وهي محدودة النوع.


 


لا اكتظاظ في المخيمات


ولم تعد أوضاع النازحين في العاصمة بغداد، كما كانت عليه قبل سنوات، حيث يتعايش ماتبقى منهم في المخيمات وهم يمارسون حياتهم وأعمالهم بشكل طبيعي جدا، كما لم تعد المخيمات مكتظة بعد عودة عشرات الآلاف منهم إلى مناطقهم الأصلية التي هجروا منها.


وفي العاصمة بغداد لم يتبقى إلا ستة مخيمات في شقيها الكرخ والرصافة، وبواقع مخيمين في الرصافة وأربعة في الكرخ، وقد تضاءلت الأعداد بشكل واضح وملموس بعد العودة الطوعية إلى ديارهم التي هجروا منها.


وفي جانب الرصافة حيث مخيمي النهروان ومريم العذراء، لم يتبقى في مخيم النهروان سوى (60) عائلة بواقع (310) أفراد، بعدما بلغ عددهم عام 2015، أثناء إنشاء المخيم (400) عائلة، عادوا إلى مناطقهم التي هجروا منها في عام 2017، بعد تحرير مناطقهم من تنظيم داعش في الموصل.


وجميع النازحين في مخيم النهروان أو مايعرف بمخيم النبي يونس، هم من محافظة نينوى، من العرب والتركمان والشبك، بحسب منسق شؤون النازحين في المخيم جمال هاشم.


 


منظمات دولية ومحلية


وترعى ثلاثة منظمات المخيم وتوفر الإحتياجات اللازمة للنازحين،وهي كل من منظمة الهجرة الدولية (IOM) التابعة للأمم المتحدة، ومنظمة أياد الرحمة، و منظمة سبع سنابل، وهي منظمات ساندة تقدم الدعم اللوجستي للنازحين داخل المخيم.


 


Image


 


تقول ممثلة منظمة سبع سنابل، آيات علي لروافد نيوز أن"المنظمة لديها عدة مشاريع تنفذها على شكل مراحل، وهي منظمة داعمة للمنظمات الدولية، حيث توفر المبالغ اللازمة لرفع النفايات، وتقوم بفحص المياه وصيانة محطة المياه لتوفير مياه صالحة للشرب والاستخدام، فضلا عن توفير سلات غذائية حسب المتوفر".


وتبلغ مساحة المخيم (100) دونم، وزعت الكرفانات على (30) دونم منها، فيما خصصت باقي المساحة على الملعب والمدرسة والمستوصف ومولدات الكهرباء والمخازن.


وبحسب ممثل محافظة بغداد في المخيم علي حسين فإن (100) كرفان هي الموجودة الآن في المخيم، يشغل النازحين (94) كرفان منها، و(14) كرفان شاغرة للإحتياط أو للضرورة، خاصة في حالات انشطار العوائل، بعد حدوث حالات زواج.


 


Image


 


وقال حسين لروافد نيوز إن "وزارة الهجرة والمحافظة وفرت الكهرباء ومولدات الكهرباء، وخزانات المياه ووسائل الترفيه والمدافئ، وآليات سحب مياه الصرف الصحي، وسحب مياه الأمطار في فصل الشتاء، فضلا عن المبردات الهوائية والمراوح صيفا".


 


مدرسة المخيم بحاجة إلى وسائل تبريد وتدفئة


وعلى الرغم من وفرة الصفوف الدراسية في المدرسة الوحيدة في المخيم إلى أنها تفتقر لوسائل التبريد والتدفئة، مع قرب إنطلاق الموسم الدراسي الحالي، وقرب حلول فصل الشتاء، فيما يرتبط إنطلاق الدوام المدرسي بقرارات خلية الأزمة الحكومية بسبب كورونا، حيث لم يحدد بعد موعد الدوام، وكيفية التواصل بين المعلمين والطلبة بسبب الوباء.


مدرسة المخيم هي مدرسة إبتدائية مشيدة بطريقة البناء الجاهز (كرفانات)، لكنها تفتقر لوسائل التبريد والتدفئة، ونقص في المرافق الصحية والحمامات.


يقول مدير المدرسة فؤاد قاسم الساعدي لروافد نيوز إن"كادر المدرسة يتكون من خمسة معلمين، فيما بلغ عدد الطلبة (110) طالب وطالبة، ولا نعاني من مشاكل في وصول الكتب والمناهج والقرطاسية سنويا، لكن المدرسة بحاجة إلى وسائل تبريد صيفا، وتدفئة شتاء، مشيرا إلى حاجة المدرسة إلى تطوير المرافق الصحية والحمامات.


 


Image


 


إحصاء بأعداد النازحين العائدين والمتبقين


وبحسب مدير عام دائرة شؤون الفروع والناطق بإسم وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس فإن عدد النازحين في جانب الرصافة من بغداد بعد أحداث التاسع من حزيران، يونيو 2014، كان بحدود (25) الف عائلة، عاد منهم بأوقات متفاوتة (11) الف عائلة، وتبقى (14) الف عائلة، أما بجانب الكرخ من العاصمة كان عدد النازحين أكثر من (95) الف عائلة، عادوا منهم (54) الف عائلة، والمتبقي منهم بحدود (41) ألف عائلة.


وقال عباس لروافد نيوز أن"مع بداية الأزمة إستوعبت المخيمات في بغداد (118) الف عائلة نازحة، بواقع ستة أفراد لكل عائلة، وكان المجموع الكلي بحدود (700) الف نازح، مؤكدا أن أعداد العوائل المتبقية في عموم بغداد الآن (55) الف عائلة، بواقع (330) الف كأفراد، متوزعين على ستة مخيمات، حتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الحالي.


 


Image


وافتتح مخيم النهروان للنازحين الواقع جنوب شرقي العاصمة بغداد أواخر عام 2014، من قبل محافظة بغداد، بكلفة مالية بلغت أكثر خمسة مليارات دينار، أي مايعادل (4) مليون دولار، يستوعب (400) عائلة نازحة، مزود بالماء والكهرباء مدرسة كرفانية، فضلا عن وجود مركز صحي وملعب خماسي.


وكان عدد النازحين في أعقاب إجتياح تنظيم داعش لمدن عدة في حزيران/ يونيو 2014، قد تجاوز الأربعة ملايين نازح توزعوا على عشرات المخيمات في جميع محافظات العراق بضمنها مدن إقليم كردستان./انتهى

المصدر: بغداد/ عادل فاخر

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS