العراق بلا تعداد عام للسكان منذ عقدين وطموحات بإجراؤه بعد عامين

تاريخ النشر : 2018-06-28 08:13:09 أخر تحديث : 2024-04-24 06:43:32

العراق بلا تعداد عام للسكان منذ عقدين وطموحات بإجراؤه بعد عامين

بغداد/ عادل فاخر/


منذ أكثر من 20 عاما، لم يجر العراق تعداد عام للسكان، على الرغم من مرور أربعة دورات إنتخابية، بسبب الخلافات السياسية، والظروف الأمنية ومايعرف بالمناطق المتنازع عليها، ومطالبة بعض القوى السياسية بإدارج إسم الطائفة أو القومية لكل مواطن ضمن التعدادات التي بائت محاولات أجراؤه بالفشل، وبعد إنفاق أكثر من 200 مليار دينار عراقي، أي مايعادل (190 مليون دولار).


وشهد العراق آخر تعداد عام للسكان عام ١٩٩٧، في إطار السلسلة الزمنية للتعدادات السكانية التي تجري كل ١٠ سنوات، ولم يشمل إقليم كردستان الذي يضم ثلاثة محافظات، كما ان بياناته لم تظهر إلا في عام ٢٠٠١ ، وبالتالي فقدت قيمتها التنموية، وأعتبرت نتائجه غير معتمدة إنما تعداد عام ١٩٨٧ هو الأكثر دقة، بحسب وزارة التخطيط.


وكشف المتحدث بإسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي عن محاولات الوزارة إجراء تعداد سكاني في فترات سابقة، لكنها تفشل بسبب الخلافات السياسية، والمناطق المتنازع عليها.


وقال الهنداوي لـ(تايمز عربي) انه"بعد عام ٢٠٠٣ كان هناك عمل دؤوب من أجل إجراء تعداد سكاني، وبعد عدة محاولات شهدها العراق في هذا الإطار في الأعوام ٢٠٠٤ و٢٠٠٦ و٢٠٠٧ ، جميعها باءت بالفشل، وفي عام ٢٠٠٩ بدأ العمل وكان هذه المرة جديا بالتنسيق مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وتم تشكيل اللجنة العليا للتعداد، وبدأ العمل بقوة بخطوات عملية".


وأضاف"جرت عمليات الترقيم والحصر للأسر والدور والمباني والمنشآت في جميع أنحاء العراق وكان ذلك عام ٢٠٠٩، ثم جرى تأسيس أول مركز من نوعه للإدخال الالكتروني بإشراف خبراء ومختصين، وتم تجهيز هذا المركز بأحدث الأجهزة الالكترونية، وكان العراق أول بلد عربي يستخدم مثل هذه الأجهزة المتطورة، ثم جرى بعد ذلك تدريب العدادين، وقد بلغ عددهم حوالي ٣٥٠ الف عداد من المعلمين والمدرسين في جميع أنحاء العراق".


 وتابع القول"جرى أيضا طبع الإستمارات الخاصة بالتعداد بحوالي ١٥ مليون إستمارة، وتم إجراء عدد من التجارب الناجحة في بغداد والمحافظات وكذلك في إقليم كردستان، وزار العراق خبراء دوليون إطلعوا على تفاصيل العمل وإشادوا بالمهنية والعلمية العالية التي يجري إتباعها في العمل، وقدموا اؤلئك الخبراء تقاريرهم إلى الأمم المتحدة التي إتخذت قرارا حينها بدعم جهود الحكومة العراقية في تنفيذ التعداد الذي سيكون مهما للغاية لأنه سيوفر قاعدة بيانات شاملة وكاملة عن واقع الحياة في البلاد، وبالتالي فأنه سيساعد المخططين وراسمي السياسات في وضع الخطط والسياسات التي تقوم على أسس سليمة".


 وأردف"وبغية تسهيل العمل فقد تم تشكيل أكثر من ١٤ فريق عمل لتغطية كل متطلبات العملية،  وبعد إكمال جميع التحضيرات، حيث تقرر أن يكون التعداد يوم ٢٢-١٠-٢٠١٠، وتم إختيار هذا التاريخ لعدة أسباب من بينها وجود حالة من الإستقرار السكاني، كما أن المناخ يكون معتدلا، وكذلك العام الدراسي يكون في بدايته، وبالتالي يمكن الإستفادة من المعلمين والمدرسين في تنفيذ التعداد".


كل التحضيرات ذهبت سدى


الهنداوي أكد"وقبل شهر أو أكثر من موعد إجراء التعداد، أثيرت قضية المناطق المختلف عليها، وحاولت وزارة التخطيط بكل ما لديها من إمكانات أن تقول للمعترضين أن أي آثار قانونية أو إدارية لا تترتب على هذا التعداد، وإن الهدف منه هو تنموي بحت،  ولكن بدون جدوى أمام إصرار المعترضين، وقد أمعنوا في الإعتراض مهددين أي عمل ميداني بالويل والثبور".


وأوضح"وصل الموعد المحدد ولم يتم حل المشكلة، بل أضيفت لها مشاكل أخرى من قبيل دعوة البعض إلى إدراج سؤال عن الطائفة، وبعد مرور الموعد تم تحديد موعد جديد هو ٥-١٢-٢٠١٠، ولكن هو الآخر مر من دون أن نتمكن من توفير البيئة المناسبة للتعداد، وهكذا بائت كل المحاولات بالفشل، بعد بذل جهود مضنية وكبيرة جدا، فضلا عن صرف أكثر من ٢٠٠ مليار دينار".


وفي ختام حديثه أشار إلى أن الظروف الآن غير مناسبة تماما، وثمة جهود ومحاولات تبذل حاليا للعمل على تنفيذ تعداد سكاني عام ٢٠٢٠.


الناشط المجتمعي سعيد ياسين يرى إن"أسباب غياب تعداد السكان سياسيا يتعلق بالهوية القومية والدينية المذهبية، وكذلك مشكلة ما يصطلح عليها المناطق المتنازع عليها، فضلا عن ذلك ومن أهم الأسباب هو إدعاء جميع الأطراف السياسية انها الأكثرية، لكنهم لا ينصاعون لقرار التعداد العام للسكان والمساكن".


وقال ياسين لـ(تايمز عربي) إن"تعطيل وعدم إجراء التعداد العام للسكان هو تعطيل للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة في جميع المجالات الحياتية، لأجل وضع الإستراتيجيات وتبني السياسات العامة في إدارة القطاعات العامة للدولة وتحديد ملامح الدولة ومؤسساتها، كما يؤثر سلبا على قطاع التربية والتعليم وقطاع الصحة والمياه والزراعة، وبشكل إجمالي الخدمات ذات التماس اليومي للمواطن وإدارة العمالة والتشغيل وشكل مساهمة القطاع الخاص في الشؤون الاقتصادية والتنمية".


تقديرات تؤكد سكان العراق 37 مليون نسمة


وبحسب تقديرات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية فإن التعداد السكاني للبلاد وصل أكثر من 37 مليون نسمة، مع بقاء معدل النمو السكاني السنوي عند 2.61%.


وجاء في الإحصائية التي صدرت نهاية العام الماضي 2017، أن "نسبة الجنس الذكور إلى الإناث عند الولادة بلغ 103.9%، ومعدل عمر  الذكور المتوقع 71.5 سنة، فيما يتوقع معدل عمر الإناث 75.4 سنة".


ووفقا لتقديرات الوزارة التي أصدرتها عام 2009 بلغ عدد السكان 31.6 مليون نسمة.


والأرقام المعلنة جميعها تقديرية، حيث لم يجر العراق أي إحصاء رسمي منذ عام 1997 بسبب الخلافات التي برزت بعد عام 2003، ومنها المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وإقليم الشمال.


وتستند تقديرات الوزارة في الغالب على البطاقة التموينية وهي برنامج لتوزيع الحصص الغذائية على السكان المتبع منذ فرض الحصار على البلاد في تسعينيات القرن الماضي.


نبذة تاريخية عن التعدادات الماضية


يذكر ان العراق يجري عملية التعداد العام للسكان كل عشر سنوات، فقد قامت الحكومات العراقية السابقة بثمانية تعدادات عامة للسكان من ١۹۲۷لغاية ١۹۹۷، كان أولها في العهد الملكي عام 1927، حيث بدأت عملية العد في تشرين الأول/ أكتوبر ١۹۲۷و إنتهت في أواخر سنة ١۹۲۷و قامت بتنفيذه ( دائرة النفوس العامة) التابعة لوزارة الداخلية، لم تمض سوى بضعة شهور حتى تبين للحكومة فشل العملية فألغتها، وبالرغم من ذلك فقد قدر عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد مليونين و ۹٦۸ ألفا و ٠٥٤ نسمة فقط.


التعداد العام للسكان عام ١۹٣٤


نفذ هذا التعداد من قبل دائرة النفوس العامة وإتبع فيه نظام تعيين لجان إستقرت في الأماكن على أن يستدعي مختار المحلة رؤساء العوائل لتثبيت البيانات المطلوبة، وقد شمل هذا التعداد جميع أنحاء العراق، وكان الهدف منه خدمة أغراض التجنيد والانتخابات،  و قد بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد ثلاثة ملايين و ۲١٣ ألف و ١۷٤ نسمة. 


التعداد العام للسكان عام ١۹٤۷


نفذ هذا التعداد يوم ١۹/١٠/١۹٤۷،  يعتبر أول تسجيل جرى بواسطة العدادين الذين قاموا بزيارة المساكن لجمع المعلومات المطلوبة وشمل التعداد جميع مدن و قصبات العراق في يوم واحد، وقد بلغ عدد سكان العراق أربعة ملايين و ۸١٦ ألف و ١۸٥نسمة، و يعتبر هذا التعداد أول تسجيل تم تبويب بياناته في جداول إحصائية طبعت في ثلاث مجلدات.


التعداد العام للسكان عام ١۹٥۷


نفذ هذا التعداد في منتصف ليلة ١١– ١۲ /١٠ / ،١۹٥۷ ويعتبر أكثر التعدادات دقة وشمولا، حيث بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التسجيل ستة ملايين و ٥٣٦ ألف و ١٠۹ نسمة.


التعداد العام للسكان عام ١۹٦٥


كان من المفترض ان يجري التعداد عام ١۹٦۷و لكن لضرورة الاعداد للانتخابات (كما ذكرت الحكومة العراقية آنذاك) فقد تم تقديم موعد التعداد سنتين فأجري في ١٤/ ١٠/ ١۹٦٥، ويمتاز هذا التعداد عن سابقاته بكون الإستمارة قد إحتوت على أسئلة تتعلق بالحرفة والقومية والخدمة العسكرية، وبلغ عدد سكان العراق ثمانية ملايين و ۲٦١ ألف و ٥۲۷ نسمة.


التعداد العام للسكان عام ١۹۷۷


وأجري هذا التعداد في ١۷/ ١٠/ ١۹۷۷و هو أول تعداد ينفذ من قبل الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط، حيث أن جميع التعدادات السابقة نفذت من قبل ( دائرة النفوس العامة) التابعة لوزارة الداخلية، وهو تعداد شمل جميع محافظات العراق وإمتاز بكثرة تنوع الأسئلة في الإستمارة الإحصائية ومعلومات عن الحالة المعيشية والسكن وموارد الدخل، وكون هذا التعداد قاعدة بيانات ممتازة لجميع قطاعات المجتمع العراقي، بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد اثنا عشر مليون و ٤۹۷ نسمة.


التعداد العام للسكان عام ١۹۸۷


أجري هذا التعداد في ١٦/ ١٠/ ١۹۸۷، وشمل جميع محافظات العراق ماعدا (المناطق الحدودية مع إيران)، حيث تعذر جمع المعلومات فيها بسبب الحرب العراقية الإيرانية، وبلغ عدد سكان العراق ستة عشر مليون و ٣٣٥ ألف و ١۹۹ نسمة.


التعداد العام للسكان عام ١۹۹۷


أجري هذا التعداد من قبل الجهاز المركزي للإحصاء في ١٦/ ١٠/ ١۹۹۷، حيث تم جمع المعلومات الإحصائية لخمسة عشر محافظة فقط (عدا محافظات إقليم كردستان)، حيث بلغ عدد سكان العراق تسعة عشر مليون و ١۸٤ و ٥٤٣ نسمة.


وسكان العراق هم السكان المقيمين داخل جمهورية العراق ويبلغ عددهم ما يقارب 37,5 مليون نسمة تقريبا، 59% منهم تتراوح أعمارهم من 16-64 وحوالي 38% منهم تحت عمر 15 سنة و3% ممن تجاوزوا 64 عاما، ويسكن معظمهم في وسط البلاد.


أكبر مدن العراق حسب التقديرات هي بغداد (نحو8 ملايين) ثم نينوى والبصرة ثم أربيل، أما من ناحية عدد سكان المحافظات، حسب وزارة التجارة والتخطيط العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق لعام 2003, فمحافظة بغداد تضم أكبر عدد من السكان تليها محافظة نينوى ثم البصرة ثم ذي قار ثم بابل ثم السليمانية ثم أربيل.

المصدر: بغداد/ روافد نيوز/ عادل فاخر/

أخبار ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS