الكاتب حسن يونس العقابي
في الميزان.... العقل العربي
حسن يونس العقابي - تاريخ النشر : 2022-01-30 09:45:28
وانت في رحلة العمر تتساءل مع نفسك ماذا قرأت في تجربة الحياة التي مرت بك وماذا عرفت عن هذا الكون الواسع ؟ وتبدأ الفلسفة تقربك الى علم الكلام والكلام فيه تأويل والتأويل له حدود في المعرفة , دمج العقل والشرع يحتاج الى معلم , لكي يصل بك الى الحكمة , اذا لم يكن لك معلم , فعليك بالعقل فهو بوصلة الى الحقيقة , لأن كل العلوم هي من إنتاج العقل البشري مثل ما يقول ديكارت , من خلال التفكير يكون الإدراك العقلي لرؤية الحداثة الواجبة في فهم الاستدلالات , أما العلوم الغيبية فهي من الدين , وفي القلب يتكون الايمان والمعتقد الذي يتحول الى معرفة حسية في الفؤاد , لإدراك علة الوجود والتي يصعب على العقل الوصول اليها لأنه لا يملك الادوات اللازمة لأثبات الادلة في معرفة ذلك , إن اخراج العقيدة والايمان من اي نشاط عملي يصب في مصلحة الجميع لأن القداسة تعرقل التقدم , وليكن المنطق هو الحاكم وهذا ما يرفض من قبل أغلب الدعاة والفقهاء , جعلوا هنالك صراعاً بين العلم والدين , علماً ان الدين لا يتقاطع ابداً مع العلم والتجربة الاسلامية السابقة تثبت ذلك , كان هنالك تجانس بين العلم والدين فتطور العقل الديني الاسلامي وعندما دخل الغيب في عالم المادة دخل معه الجهل , اصبح هنالك اللامعادلة في المعرفة النسبية , لإدراك المعايير العلمية التي يستند عليها العقل البشري , النمو والتطور يأتي عن طريق الفكر العقلاني , والمتخيل يستمد المعرفة من خلال الملموس الواقعي مثل ما فعل العالم نيوتن مع التفاحة , فعرف قوة الجاذبية من خلال العقل المادي ولم يستطيع معرفة ماهية الجاذبية , المنطق يقول الايمان في القلب والبرهان في العقل , والعقيدة الايمانية هي خاصة وذاتية , لأنها اعتقاد , وهذا يدخل بالظنية الموجودة في العقل الديني , اذن علينا قبول تحكيم العقل المنطقي , واذا كانت من مخرجات العقل الاول , هي الأخلاق , والعلم والدين, فأن رؤية الحداثة هي الثانية , والتي أخرجت لنا الليبرالية والعلمانية , لبناء القيم الانسانية , مثل العدالة والمساواة التي يسعى اليها العقل والدين , والتي حاولت المنظومة الفقهية تغيّب دور العقل لتفرض قيوداً عليه بحجة ان الدين هو العلم والأخلاق والزي , علماً هنالك شعوباً في العالم غير متدينة ولها أخلاق وعلم وزي فيه عفة وحشمة , والحديث المعروف للرسول الكريم محمد (ص) (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) أي الأخلاق قبل الدين موجودة , وبعد أنقطاع الوحي السماوي الى يوم ان يبعثون , اصبح العقل هو الملاذ للعلوم جميعاً , بدون معلم في رؤية الحداثة الدنيوية , واصبح في ما بعد لدينا اسلام متعدد في الرؤى , اسلام القرآن واسلام الفقهاء واسلام الدعاة واسلام الحديث , بلا شك القرآن مقدس لأنه من عند الله ولكن العلة في التأويل والتفسير و تعدد الآراء , الاخطاء في الانسان وليس في النصوص عدم فهم النصوص يؤدي الى كوارث ايمانية , وتخلّف كبير في المعرفة , وهذا ما حصل للعقل العربي , فيما بعد , لان الدين لا ينقد نفسه وجوهر الدين هو الحقيقة المطلقة التي على الانسان العاقل البحث عنها بنفسه , ولأن الدين فردي وليس جمعي , بعض الفقهاء يحاولون أسلمة المعرفة , ويتناسون ان القرآن يحرض على العلم وليس كتاباً علمياً , ان الحقيقة العلمية تتجاوز الدين , لأنها خارج النصوص الدينية , الدين مطلق والعلم نسبي , غاية الدعاة او الفقهاء ارجاع كل شيء الى الدين هذا غير صحيح , الاخلاق ليس لها علاقة بالدين ولكن من المؤيدات للدين , علة الوجود ان لا ندرك مقاصد الخالق الذي علم بالقلم ,علم الانسان ما لا يعلم .
المصدر: الكاتب حسن يونس العقابي