حوار متقاعدين..مقال لحسن العاني
عادل - تاريخ النشر : 2017-07-01 09:54:29
حوار متقاعدين !!
حسن العاني
تعود قراءتي لرواية زوربا الى اواخر العقد الستيني من القرن الماضي، ولا بد إن الكثير من خطوطها وتفاصيلها قد غابت عن ذاكرتي وتلقفها النسيان، ولا بد كذلك إن موقفاً هنا او عبارة هناك قد صمدت في وجه العمر والمتاعب .
كان بطل الرواية يطلق على رفيقه المثقف ، لقب (قارض الكتب)، واعتقد إن المؤلف قد أوصل الينا فيما اوصل من بين افكار عديدة، إن الحياة وتجاربها هي المعلم الاول للثقافة، حيثما كانت الثقافة تعني اتخاذ المواقف ومواجهتها في الوقت نفسه، قبل أن تكون الجامعة او الشهادة او الانترنت او الكتاب. هكذا كنت استمع في مقهى الطرف، وعلى قرقرة النراجيل، حواراً هادئاً وعفوياً وبسيطاً بين مجموعة كهول، اغلبهم يباهي بحصوله على شهادة (المتوسطة).
ولكن ما يميز ذلك الحوار هو عمقه من ناحية، وكونه نابعاً عن دراية وتماسٍ مباشر مع الواقع والوقائع من ناحية أخرى… المحور الرئيس الذي انطلق منه الحوار، هو الرواتب التقاعدية، وعادة ما يفرض هذا المحور حضوره على معظم جلساتهم، وقد التقطت فيما التقطتُ رأياً فيه احتجاج منفعل على شمول الرواتب التقاعدية بالاستقطاع تحت اية ذريعة، وسمعتُ أحدهم يقول (والله لا أدري كيف تجري الامور، فأغلب رواتب المتقاعدين بالاساس هزيلة ومخجلة، إذن كيف فكرت الحكومة بمثل هذا الاجراء؟ هل تريد أن تزيد مصيبتهم مصيبة؟!) وعلق الاخر (أكو شي أهم ..
ليست هناك حجة قانونية تسمح بهذا الاستقطاع غير القانوني، لأن المتقاعد طوال سنوات خدمته الوظيفية . كان يدفع كل شهر توقيفات تقاعدية، هي اشبه بالتوفير الاجباري الذي تدفعه الدولة لاحقاً للمتقاعد بصفة راتب.
وهذا يعني ان وزارة المالية لا تدفع فلساً واحداً من جيبها)، وقال احدهم ساخراً ( يعني يا جماعة رواتبنا مو منيه من أحد … أقصد هذه بضاعتنا رُدّتْ الينا!) وثمة تعليق لا يصلح للنشر! وفيما كان الحوار بين اخذ ورد، طرح أحدهم مقترحاً يقضي بحجب الرواتب التقاعدية عن الرؤساء والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الوظيفية العالية، لمواجهة جانب من المشكلات المالية التي يمر بها البلد، وبهذه الطريقة على حد تعبيره (يمكن عدم استقطاع فلس واحد من المتقاعدين)،
اعترض احدهم (ولكن رواتب هؤلاء الكبار ليست بدعة، فمنذ تأسيس الدولة العراقية هناك رواتب لهم فكيف نحجبها اليوم؟!) وردّ عليه صاحب المقترح (ولكنك تنسى كم كانت رواتبهم وكم أصبحت، وتنسى ما هو أهم ، فثقافة الفساد المالي لم تكن معروفة بين الكبار، أما اليوم فأن هذه الثقافة التي طغت على كل شيء، توفر لأصحابها أضعاف رواتبهم، ويجنون ما يكفيهم لألف سنة مقبلة!!)، اعترف بأنني شخصياً لم أنتبه الى هذه الحقيقة…
حسن العاني
تعود قراءتي لرواية زوربا الى اواخر العقد الستيني من القرن الماضي، ولا بد إن الكثير من خطوطها وتفاصيلها قد غابت عن ذاكرتي وتلقفها النسيان، ولا بد كذلك إن موقفاً هنا او عبارة هناك قد صمدت في وجه العمر والمتاعب .
كان بطل الرواية يطلق على رفيقه المثقف ، لقب (قارض الكتب)، واعتقد إن المؤلف قد أوصل الينا فيما اوصل من بين افكار عديدة، إن الحياة وتجاربها هي المعلم الاول للثقافة، حيثما كانت الثقافة تعني اتخاذ المواقف ومواجهتها في الوقت نفسه، قبل أن تكون الجامعة او الشهادة او الانترنت او الكتاب. هكذا كنت استمع في مقهى الطرف، وعلى قرقرة النراجيل، حواراً هادئاً وعفوياً وبسيطاً بين مجموعة كهول، اغلبهم يباهي بحصوله على شهادة (المتوسطة).
ولكن ما يميز ذلك الحوار هو عمقه من ناحية، وكونه نابعاً عن دراية وتماسٍ مباشر مع الواقع والوقائع من ناحية أخرى… المحور الرئيس الذي انطلق منه الحوار، هو الرواتب التقاعدية، وعادة ما يفرض هذا المحور حضوره على معظم جلساتهم، وقد التقطت فيما التقطتُ رأياً فيه احتجاج منفعل على شمول الرواتب التقاعدية بالاستقطاع تحت اية ذريعة، وسمعتُ أحدهم يقول (والله لا أدري كيف تجري الامور، فأغلب رواتب المتقاعدين بالاساس هزيلة ومخجلة، إذن كيف فكرت الحكومة بمثل هذا الاجراء؟ هل تريد أن تزيد مصيبتهم مصيبة؟!) وعلق الاخر (أكو شي أهم ..
ليست هناك حجة قانونية تسمح بهذا الاستقطاع غير القانوني، لأن المتقاعد طوال سنوات خدمته الوظيفية . كان يدفع كل شهر توقيفات تقاعدية، هي اشبه بالتوفير الاجباري الذي تدفعه الدولة لاحقاً للمتقاعد بصفة راتب.
وهذا يعني ان وزارة المالية لا تدفع فلساً واحداً من جيبها)، وقال احدهم ساخراً ( يعني يا جماعة رواتبنا مو منيه من أحد … أقصد هذه بضاعتنا رُدّتْ الينا!) وثمة تعليق لا يصلح للنشر! وفيما كان الحوار بين اخذ ورد، طرح أحدهم مقترحاً يقضي بحجب الرواتب التقاعدية عن الرؤساء والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الوظيفية العالية، لمواجهة جانب من المشكلات المالية التي يمر بها البلد، وبهذه الطريقة على حد تعبيره (يمكن عدم استقطاع فلس واحد من المتقاعدين)،
اعترض احدهم (ولكن رواتب هؤلاء الكبار ليست بدعة، فمنذ تأسيس الدولة العراقية هناك رواتب لهم فكيف نحجبها اليوم؟!) وردّ عليه صاحب المقترح (ولكنك تنسى كم كانت رواتبهم وكم أصبحت، وتنسى ما هو أهم ، فثقافة الفساد المالي لم تكن معروفة بين الكبار، أما اليوم فأن هذه الثقافة التي طغت على كل شيء، توفر لأصحابها أضعاف رواتبهم، ويجنون ما يكفيهم لألف سنة مقبلة!!)، اعترف بأنني شخصياً لم أنتبه الى هذه الحقيقة…