في الميزان... دولة الفساد وفساد الدولة

في الميزان... دولة الفساد وفساد الدولة

حسن يونس العقابي - تاريخ النشر : 2022-04-30 08:02:36

 



يشهد الواقع العراقي سنوات من التهميش والظلم وغياب الروح الوطنية والعدالة الاجتماعية في العملية السياسية , من تفش ٍ لحالة الفساد في جميع مؤسسات الدولة العراقية , وعلى مستوى عال ٍ جداً من المسؤولين بحيث قادة كتل تتأمر على قوت الشعب , كانوا في الأمس القريب يرفعون الشعارات الوطنية والدينية , اليوم يتفاجؤون بغزارة الاموال التي هم امناء عليها فانشغلوا بالمصالح الشخصية والمصالح الخارجية وتركوا مصالح الناس , سابقاً يقال :(اذا اردت ان تكون ملكاً فكن ضابطاً في الجيش العراقي) ام الآن اذا اردت ان تكون من اصحاب الشركات فكن برلمانياً , القصد هنا ليس الكل طبعاً ولكن الاغلبية لأنهم هم مصدر قرار الفساد الحاصل الآن , هذا واضح ايضاً من خلال اعترافاتهم الصريحة بان مال الشعب مغنم لهم ولا يوجد من يحاسبهم يضعون الامتيازات من خلال اصدار وتشريع القوانين التي تجيز لهم الاستيلاء على اموال الشعب والتطبيقات القانونية تعمل على القسم واعفاء القسم الاكبر بسبب الحصانة , لان السيد المحتل (امريكا) قسم السلطة والكعكة بينهم اذن يجب ان يعرف الجميع ان السبب الرئيس في الفساد يكمن هنا ! ومن لا يريد اخراج المحتل من العراق فهو فاسد بامتياز, أكيد كل فاسد لا يعنيه غياب الخدمات والتخبط الاقتصادي بكل اشكاله من ترد ٍ للكهرباء وتعطيل الصناعة والزراعة بشكل كبير والاعتماد على الاستيراد إضافة إلى قلة فرص العمل في القطاع العام والخاص , هذه الحالة تخلق توتر بين ابناء المجتمع الواحد وتبعث العداوة والبغضاء , الفساد الذي نخر الدولة والذي ينتشر في اعلى دوائر السلطة السياسية حيث يقوم القابضون على القرار السياسي باستعمال سلطتهم ونفوذهم في الانحراف بالسلطة الممنوحة لتحقيق مكاسب غير مشروعة , وهذا يعتبر خيانة الثقة لمن صوت من اجل تحسين الوضع العام في الانتخابات , وان الثمن الاكبر الذي يدفع عن ممارسة الفساد هو ذلك الذي يدفعه المجتمع بكامله الا هو انهيار الوطن نحو الهاوية . لم تستطع الحكومة العراقية ان تفرض سيطرتها الكاملة على الامن والاقتصاد في البلد ولم تُرس ٍ دعائم الدولة ازاء الدمار الذي حل بالاقتصاد العراقي , ولم ياخذ المواطن من الوطن شيئاً يذكر دائماً هو كان المضحي الى ان اصبح يبغض كل الساسة الذين خدعوه باسم الوطن والتدين , مساعدة الفقراء تتطلب تحويل الموارد العامة الى انشطة تصب في خدمة النمو الصحي والتربوي والصناعي والزراعي وهذا يحتاج الى اموال ضخمة لذا لا يحتل الانفاق لمصلحة الفقراء سوى ادنى مرتبة في سلم اولويات دولة الفساد . وهذا اكيد لا يصب في مصلحة فساد الدولة , اي لا يستطيعون جمع اموال طائلة الا من خلال مستويات مرتفعة من الانفاق التي تتيح فرصاً كبيرة من الفساد كعمليات شراء الاسلحة ومشاريع الاعمار الكبرى , ان الفساد في الحقيقة يدفع المسؤولين الى عرقلة قانون هيئة الاستثمار النافذة الواحدة والتأخير فيه وزيادة متطلباته من اجل ارغام الناس على دفع الرشوة كما هو حاصل فعلاً في ميادين سياقات العمل الروتيني المقصود . يجب مغادرة دولة الفساد بواسطة الارادة القوية التي تجرد السلطة من كل سياسي والكشف عن الحقائق الاقتصادية والمالية المغيبة من قبل ادارة فساد الدولة , ويجب ايضاً ان يكون الردع قاسياً في بداية المشوار الاصلاحي والمثل الشعبي يقول :(من استحى من بنت عمه ما "جاب" منها ولد) والولد هنا هو الاصلاح الحقيقي , عملية الاصلاح تبدأ في عمل ورشة لبناء اقتصاد صحيح والذي يبدا بمكافحة الفساد وتجفيف منابعه ومنع الظلم وتطبيق القانون على الجميع , ويجب ان لا يكون في ورشة العمل ومكافحة الفساد كل من كان مسؤولاً سابقاً في الدولة الفاسدة "وكأنك يابو زيد ما غزيت" (حامية حراميها) موطن الفساد الاكبر هو في اللوبي وحاشية السلطة ان كانت تنفيذية او تشريعية او قضائية وهو وسلية هذا الفساد والرقابة الحقيقية تبدأ من هنا في كل صفقة عمل او مقاولة او مشروع يجب مغادرة تسلط الافراد امنياً وادارياً وان تكون تحت تصرف مؤسساتي محض , شركة اختصاصية حسب القانون تكون خارج سيطرة السلطات الثلاث وان تكون مراقبة لان الرقابة مهمة جدا في العمل الاصلاحي .



اهم معوقات تقدم اي دولة في جميع الاصعدة , هي افة الفساد التي تنخر الدولة في الجوانب السياسية والاقتصادية , عندما تجد كثرة الامتيازات لأفراد السلطة عليك عدم السكوت ويتطلب تحشيد الراي والمشاركة الواسعة واستنفار جميع القدرات والطاقات لزرع روح المواطنة بين المجتمع الذي يريد الاصلاح الاجتماعي , ان انتهاك حقوق الانسان يأتي بعناوين مختلفة من قبل احزاب متنفذة في البرلمان تكون هذه الكتل السياسية ضيقة الافق تفكر بالمصالح الحزبية او الفئوية , تعمل على الاستيلاء على راس المال اولاً وثم إسناد المناصب لتقوية ركائز قيام النزعة الفئوية واستغلالها في ما بعد , لذا يتطالب معرفة الاسباب الحقيقية وأن اسباب الفساد كثيرة وهي متشعبة ومعقدة اهمها : ضعف القانون الرادع , صعوبة الظروف المعيشية , لا وجود لرقابة , اختزال القيم بالولاءات الحزبية , لا يوجد كفاءات في القيادات الادارية والمالية , غياب العدالة الاجتماعية , غياب المعلومات والاحصائيات الدقيقة , الرواتب غير المجزية . تداعيات الفساد ايضاً متعددة : زعزعة الاستقرار الاقتصادي , عرقلة النمو , زيادة الفقر , الحد من تقديم الخدمات , تقويض الديمقراطية , زعزعة الثقة بالحكومة , التلاعب بالقانون في انجاز المعاملات , زيادة في نسبة البطالة , هجرة الطاقات التي ترفض المشاركة في عمليات الفساد , ضعف امكانيات وكفاءة رؤوس الاموال . اذ لا يمكن لأي احد الحصول على عقود عامة إلا من خلال دفع الرٌشى , هروب المستثمرين المحليين للاستثمار في الخارج , لجوء المواطنين الى الاعتماد على الزعماء المحليين لتلبية متطلباتهم وتسيير امورهم عوضاً عن اعتمادهم على الحكومة , عدم المساواة بين المواطنين لان بعضهم سيحضى بمعاملة خاصة وتسهيلات معينة لعلاقاتهم الشخصية او الارتباطاتهم الحزبية او الطائفية او القومية , تحويل الانتخابات الى وسيلة لوصول الفاسدين الى مركز السلطة من اجل ضمان حماية اعمالهم الفاسدة وزيادة مدخولاتهم وثرواتهم غير المشروعة , ترسيخ المفاهيم السلبية مثل الانانية والمصلحة الذاتية , الحد من نشاط الفرد وجهده حينما يدرك انهما لا يكونان السبيل لتحقيق الاهداف في ظل وجود طرق ملتوية سهلة وقصيرة ,عزوف الدول المانحة عن تقديم المعونات والمساعدات التنموية . في النهاية ماذا يريد المواطن من الدولة , يريد قبل السكن الأمان والكرامة والحرية وفرصة العمل والرعاية الصحية والتعليم والرفاهية وهذا متاح لان الارض موجودة والمال متوفر يحتاج اذن الى مركز دراسة التخطيط والبرنامج والتوجهات الصحيحة في العمل وان تكون النيات سليمة ونزيهة .

المصدر: بقلم / حسن يونس العقابي .

مقالات ذات صلة

حقوق النشر محفوظة موقع وكالة روافد نيوز الاخبارية وليس كل ماينشر يمثل يالضرورة رأي الوكالة

تطوير مزيان مزيان | Zaina CMS